اتصل بنا
المملكة بين الواقع والإرهاب
24/11/2001

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الهادي إلى سواء الصراط، أنار لنا طريق الحق فأكرمنا بعقل نميز الخير من الشر والحق من الباطل، القائل في معرض منته على عباده: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

عباد الله: قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾، وقال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾، وقال جل وعلا: ﴿لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا . مَّلْعُونِينَ ۖ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾. لقد بعث الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بدين هو خير الأديان وخاتمها، هذا الدين هو دين الإسلام والسلام، دين الإيمان والأمان والوئام، دين المحبة والسلام لم يُعرف في التاريخ الإسلامي أنه أجبر أو قهر أحدًا على الإسلام أو غدر بكافر أو مسلم أو ذمي أو مستأمن أو معاهد، إنه دين يحترم الإنسان ويحافظ على كيانه وسلامته وكرامته مهما كانت هويته ما لم يكن معلنًا الحرب بالسلاح على المسلمين، قال سبحانه: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾، وقال تعالى: ﴿لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ . إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ . فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ﴾، فمن كفر فأمره موكول إلى الله لا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن كفر فعليه كفره.

وهذا الدين يسعى إلى أهم المقاصد لحماية البشرية من الاضطراب وعدم الاستقرار وذلك بغرض الأمن بوسائل مناسبة يحفظ كرامة الإنسان ويستأصل المرض الذي يعكر أمن الإنسان ليحافظ على سلامته واستقراره.

إن الاستقرار الأمني أهم مقاصد الشريعة الغراء؛ لأنه الأرض والأساس لتنامي الحياة وازدهار الحضارات ماديًا ومعنويًا.

والاضطراب الأمني هو العقبة الكؤود في وجه الازدهار الحضاري واستقرار الحياة، والإرهاب بالعرف المشهور اليوم هو العلة والورم الخبيث في الكيان البشري واستقرار أمنه، لذا جاء الإسلام بما يناسبه، قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا﴾ الآية.

ومن أعجب الأمور في هذا الشأن محاولة ربط الإرهاب بالإسلام، وهذا ما كان قديمًا مما تأصله من عناد في قلوب المشركين وشدة تعنتهم من قلبهم للحقائق الثابتة على وجهها بزعمهم أن اعتناق الدين واتباع الحق الذي هو مصدر الأمن والطمأنينة والرزق والبركة هو مصدر الخوف والقلق، قال سبحانه: ﴿وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ جاء في سبب هذه الآية أن الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف القرشي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك ونؤمن بك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا لإجماعهم على خلافنا ولا طاقة لنا بهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

يا له من منطق منكوس ويا له من عذر أقبح من فعل، إنه ما حدث قط في تاريخ البشرية أن استقامت جماعة على هدي الله إلا منحها القوة والأمان والمنعة والسيادة في نهاية المطاف، فكيف يزعم بعد ذلك هؤلاء السفهاء أن اتباع الحق هو سبب الخوف؟ ألا كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا، إن هؤلاء الذين يخافون أن يتخطفهم الناس لا يدركون بسبب شركهم حقيقة عقدية وهي أن الله سبحانه هو الحافظ وحده وهو الحامي وحده وأن قوى الأرض كلها لا تملك أن تمتد إليهم بسوء وهم في حمى الله.

أيها الإخوة: إن هذه البلاد المباركة التي نعيش على أرضها بلاد الحرمين الشريفين أنعم الله عليها بالأمن والأمان، وخاصة بعد أن منَّ الله عليها بتوحيد أرجائها المترامية على قلب واحد ويد واحدة ودين واحد، على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله فقد حكم بالإسلام وبهدي المصلح الكبير سماحة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله.

هذا وإن المملكة لم تقف يومًا من الأيام مكتوفة الأيدي من أي قضية تمس بالأمن والاستقرار، ولم ولن تسمح لأي صنف من صنوف الإرهاب أن يتربى في ربوعها، وهي قادرة على استئصاله من جذوره لو وُجد، كل ذلك انطلاقًا من دينها الحنيف، لأنه نظام عالمي ودين استقرار.

عباد الله: إن الإرهاب هو عين الفساد في الأرض، له تفسيره المنهجي وضوابطه المنهجية في منظور وميزان الإسلام الحنيف، وفي تصور العقل المنصف المجرد من أي تأثير بيئي أو نفسي أو مصالح شخصية على مستوى العقول الناضجة المنصفة الواعية في أنحاء العالم.

فمهما كثرت الادعاءات والتفسيرات المغرضة والمنحرفة والمحرَّفة والمحرِّفة للحقائق، فإن الحق ثابت أبلج، لا تهزه أيدي العابثين مهما بلغوا الذروة في المكر والخديعة، فهوية المملكة واضحة مسفرة الوجه في أعين العالم كله، إنها على محجة بيضاء في حكمها بدينها واحتكامها إليه، وخدمة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن، وتوفير جميع سبل الراحة لهم ولشعبها المسلم، تمد يد العون ولله الحمد إلى كل منكوب من جميع الأجناس والأديان في الأرض بنفس سخية ودون تردد.

فهل حرص العابثين بالحقائق والاصطلاحات أنهم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله؟ أم لحاجة في نفس يعقوب.

أيها الإخوة: من منطلق قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم»، أن نكون على جانب كبير من اليقظة والوعي والإدراك لما تحيكه وسائل الإعلام ضد هذه البلاد، لأنه يمثل الحرب على الإسلام والمسلمين في حقيقة الأمر، فإن مثل هذه الادعاءات إرجاف سبق في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون على وعي كامل ولم يهزُّهم ذلك: ﴿لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا . مَّلْعُونِينَ ۖ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾. وقوله سبحانه: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ووقانا وإياكم شر الفتن، استغفروا الله إنه سميع مجيب.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله المتفضل على عباده بشهر الصيام شهر القرآن والنفحات والبركات، شهر أوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبعد:

إن ما تتعرض له المملكة من حملات إعلامية مشوهة لم يأت من فراغ، وإنما بسبب ما تتبوأ به هذه البلاد من مكانة عظيمة على مستوى العالم العربي والإسلامي والدولي، هذه الحملات الإعلامية المشوهة كانت بأقلام حاقدة وقد أشار القرآن الكريم أن الكفر ملة واحدة، وأن الكفار يغيظهم تحقق الأمن والأمان في أي بلد فضلًا عن ذلك تحققه في المملكة التي تطبق كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، لنستمع إلى قول الله في سورة آل عمران: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: (ولتسمعن من الطعن فيكم وفي دينكم وكتابكم ورسولكم وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك عدة فوائد:

منها: أن حكمته تعالى تقتضي ذلك ليتميز المؤمن الصادق من غيره.

ومنها أنه تعالى يقدر عليهم هذه الأمور لما يريده بهم من الخير ليعلي درجاتهم ويكفر من سيئاتهم وليزداد بذلك إيمانهم ويتم به إيقانهم.

ومنها أنه أخبرهم بذلك لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك والصبر عليه إذا وقع).

ألا عباد الله كونوا على حذر دائم من أن يداخلكم شك في دينكم عن طريق تلك الحملات المغرضة عبر القنوات الفضائية.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، اللهم احفظ لنا ديننا وأمننا وقنا شر الفتن وكيد الأعداء والمحن، اللهم من أرادنا أو أراد أي بلد إسلامي بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا عليه، اللهم وفق قادة المسلمين إلى تحكيم كتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم وفق ولاتنا إلى الخير والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة وهيئ لهم من أمرهم رشدًا، اللهم عليك بأعداء الدين من الكفرة والملحدين والشيوعيين فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأكرم نزلنا.

عباد الله إن الله أمركم بأمر بدأ به بنفسه وقال عز من قائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صل ِّوسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الصحابة الأجلاء وأخص منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن العشرة وأمهات المؤمنين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين إنه جواد كريم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy paid course free download
download lenevo firmware
Download Premium WordPress Themes Free
online free course