اتصل بنا
ماذا بعد رمضان؟!
22/12/2001

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد:

إن من سنة الله تعالى في هذه الحياة تعاقب الليل والنهار، وهكذا الحياة، شهر يعقبه شهر، وعام يخلفه عام ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ.

وإن من نعم الله تعالى علينا أن جعل مواسم للخيرات يكثر فيها الثواب لمن خلصت نيته، وزكى عمله وأن من هذه المواسم الفاضلة شهر الصيام الذي طوى بساطه قبل أيام نسأل الله أن يتقبله منا.

إخوة الإسلام: إنه من المعلوم أن أكثر المسلمين في شهر الصيام يجتهدون في عمل الخيرات والمسارعة فيها، وترك المعاصي والمنكرات والابتعاد عنها، وهذا بلا شك ولا ريب علامة خير وبركة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما حالنا بعد رمضان؟ وهل هناك وجه مقارنة بين حال بعض الناس في رمضان وبعد رمضان؟

ولزامًا على كل واحد منا أن يَصدُق في جوابه مع نفسه، وأن يتجرد عن أحابيل الشيطان وتلبسه، وأن يترك التماس الأعذار الواهية التي يسلي بها نفسه.

والجواب عن هذا السؤال ما نراه ونلمسه من حال بعضنا، فبعض منا قد يكون متلبسًا ببعض الآثام قبل شهر رمضان فيتأثر بروحانية الشهر وسكينة الصيام، فيعزم على ترك ما سلف من ماضيه ويُطلقه طلاقًا بائنًا لا رجعة فيه، وهذا الصنف إن صدق في عزمه فسيرى من الله ما يسره ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْفالخير كله سببه الصدق مع الله تبارك وتعالى.

فيا من تلوث في أوحال المعاصي من سخرية وسماع ونظر إلى ما حرّم الله وغير ذلك من الآثام، احمد الله الذي بلّغك ختام رمضان، واجعل من هذا الشهر المبارك مرحلة تنقية وتهذيب لسلوكك وأخلاقك، واعلم أن الله يتوب على من تاب، قال تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل» رواه مسلم عن أبي موسى رضي الله عنه. وقد صح الخبر أن المذنبَ لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب، تاب الله عليه، فلنعزم إخوة الإسلام على التوبة النصوح، ولنغتنم ذلك قبل فوات الأوان، فما زالت سكينة الصيام قريبة العهد.

وأما القسم الآخر من الناس فهو الذي فرَّط في تلك الثروة العظيمة، ولم يرعها حق رعايتها، فحرم نفسه خيرًا كثيرًا واكتسب وزرًا كبيرًا، وهذا الصنف هو الذي لم يردعه صيامه عن الآثام، ولم يتغير عن ماضيه قبل رمضان، بل عاد يتخبط في معاصيه وآثامه وأصر على ما كان عليه ومثل هذا يقال له: اتق الله يا عبدالله، واعلم أن ربك مطلع عليك عالم بما تقول وما تفعل، فدع عنك الإصرار على الذنوب وتذكر قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، فذم الله تعالى المصرَ على الذنوب لقبح عمله وشناعة جرمه.

وهناك قسم من الناس زادهم الصيام إيمانًا فزاد حبهم للخير بجميع أنواعه من صيام وصدقة وصلاة وبر وصلة رحم، وهؤلاء خير الأقسام وأفضلها عند الله، نسأل الله أن نكون من أولئك الذين نفعهم الله بصيامهم وقيامهم.

إخوة الإسلام: ولّى شهر الصيام ولا ندري أندرك الشهر الآخر أم لا ﴿عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَىاللهم اجعلنا ممن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وآله وصحبه، وبعد:

إخوة الإسلام: كنا بالأمس نرتقب مجيء شهر رمضان، ولقد جاءنا وولى وهكذا كل مستقبل في هذه الحياة سوف ينتهي ولكل أجل كتاب ولكل نبأ مستقر.

أيها الإخوة: لقد أودعنا شهر رمضان ما شاء الله أن نودعه من الأقوال والأفعال، فمن كان منّا محسنًا فليبشر بالقبول، فإن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، ومن كان منّا مسيئًا فليتب إلى الله، فالعذر قبل الموت مقبول والله يحب التوابين.

فلنسارع إخوة الإسلام إلى عمل الخيرات، فقد مدح الله من كان هذا شأنه فقال تعالى مادحًا لأنبيائه الذين هم صفوة خلقه ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ.

وقال تعالى حاثًّا عباده على ذلك ﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، أخرج أبو داود والحاكم والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «التؤدة في كل شيء خير إلا في علم الآخرة»، قال الطيبي: معناه أن الأمور الدنيوية لا يعلم أنها محمودة العواقب لقوله سبحانه: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ، ﴿سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ.

اللهم اجعلنا من المسارعين في الخيرات في السر والعلن، والقول والعمل، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين من كل جنس ولون يا رب العالمين.

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح نياتنا وذرياتنا، ووفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، وهيئ لهم من أمرهم رشدًا، اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا واجعلنا من عتقائك من النار، اللهم أصلح أحوال المسلمين، واكفهم شر الأشرار وكيد الفجار، وقنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم عليك بالظلمة الطغاة، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث البلاد والعباد.

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وتب علينا، واستر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه وأزواجه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروه يذكركم واشكروه على آلائه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy course
download mobile firmware
Premium WordPress Themes Download
ZG93bmxvYWQgbHluZGEgY291cnNlIGZyZWU=