اتصل بنا
المخدرات.. وأثرها على الشباب!
19/06/2002

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الكريم، غافر الذنب، قابل التوب شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.

عباد الله: فإن المرء المسلم مدعو إلى الاهتمام بمظهره والعناية به، لأن ذلك من سمة المسلم وعنوانًا له، دالًا عليه، وقد سمى الله ذلك بزينة، فقال سبحانه: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ، والإسلام يدعو المجتمع بعامة إلى النظافة والمحافظة على البيئة، ولا غرو إذا اجتمع المظهر والمخبر في الإنسان، فذلك غاية الكمال والجمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس»، فالإنسان يكره أن يراه الناس في شكل مستقذر، فما بالكم إذا كان فيه معيب.

أيها الإخوة: إننا في عصر نشكو إلى الله الحال، قد كثرت فيه المتغيرات بشتى صورها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها» وهذا ما نلحظه في واقعنا المعاصر، حيث الإغراق في المباحات والتوسع فيها، قال عليه الصلاة والسلام: «إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما مُشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه» رواه مسلم.

أيها الإخوة في الله: هناك آفة خطيرة انتشرت وتفشت بين صفوف مجتمعاتنا لا تقل ضراوة عن وباء السرطان، آفة تفتك بالصغير والكبير، آفة لا يعرف أصحابها رحمة ولا شفقة، إنها آفة المخدرات، فعلى الرغم من الحملات التي تقوم بها الجهات الأمنية، والعقوبات الشديدة التي ينالها مستحقيها، إلا أنها أخذت في التوسع وبخاصة بين المجتمعات المسلمة، بل تشير الدلائل والإحصائيات أن المجتمعات العربية والإسلامية هي المستهدفة لهذا الوباء الخطير، بل إن بعض الدلائل تشير إلى أن جهات معينة تقف وراء تصدير هذه السموم وتهريبها إلى المجتمعات المسلمة، بهدف تخريب عقول شبابها وتمييع أخلاقهم وتركهم نهبًا للأمراض الجسدية والنفسية.

ففي نظرة لمنطقة الخليج العربي تذكر التقارير أن المنطقة تقع في منطقة جغرافية تحيط بها المافيا الدولية، والتي تستهدف من عمليات التهريب المكثفة تحقيق الأرباح الخيالية، إلى جانب التأثير على شباب المنطقة، وهناك تقارير تصدر تباعًا يشيب منها الرأس، نظرًا لما تنشره تلك التقارير من تزايد عدد المدمنين ووقوعهم تحت رحمة المروجين الذين همهم الأوحد الفتك بشباب الأمة.

عباد الله: إن التقارير الصادرة من المسؤولين في البلاد العربية والإسلامية تلفت الأنظار إلى أن المخدرات والخمور، قد شاعت في مجتمعاتنا العربية والإسلامية شيوعًا أصبح معها الإدمان والسكر ظاهرة اجتماعية خطيرة، تتطلب موقفًا حازمًا لعلاج هذه الظاهرة، وإذا كان الإسلام قد شدد في تحريم الخمر، فإنما يعود سبب هذا التشديد إلى أن أضرار الخمر والمخدرات قد اتفق علماء الدين والاجتماع والطب والاقتصاد والأخلاق عليها، فمن أضرار التعاطي:

أضرار اجتماعية من إيقاع العداوة والبغضاء بين الناس، قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، والذين يحضرون المجالس التي يتعاطى فيها السكارى الخمور والمخدرات يدركون صدق قوله تعالى، فكم من صلات رحم تقطعت بسبب المشروبات الفاسدة، وكم من وشائج قربى انهدمت بسبب حبوب الهلوسة، وكم من خصومات اجتماعية أثيرت بسبب تعاطي المسكرات والمفسدات، أما صد الخمر عن ذكر الله، وإقام الصلاة فلا يحتاج إلى نظر، لأنك لا ترى شاربًا للخمر ينهض من مجلسة تاركاً كأس الخمر جانبًا لأداء فريضة الصلاة، ولا ترى كذلك متعاطيًا للحشيش أو الأفيون والهيروين إذا سمع المؤذن ينادي حي على الصلاة حي على الصلاة يلتفت إلى أصحابه قائلًا دعونا نجب داعي الصلاة، فالذين ابتلوا بهذه الكبيرة الاجتماعية معطلون لفريضة الصلاة ومجالسهم مجالس لا يذكر فيها الله.

أما الأضرار الصحية الناتجة عن شرب الخمر والمخدرات ما عادت خافية على أحد من الناس، بل إن الذين يتعاطونها يدركون فداحة الأضرار الصحية الخطيرة التي تصيبهم بسببها، ويأتي في مقدمة هذه الأضرار تلك التي تصيب العقول، فالمدمنون على الأشربة الفاسدة هم دائمًا في غيبوبة عقلية، وهذه الغيبوبة تنافي اليقظة الدائمة التي يفرضها الإسلام على قلب المسلم وعقله، ليكون موصولًا بالله في كل لحظة، فلذلك فالمخدرات بأنواعها والخمور بأشكالها المتنوعة تحارب النفس الإنسانية وتترك فيها آثارًا سيئة تهدد حياة أصحابها.

أما التأثير النفسي، فقد ذكر الخبراء أن تعاطي الحشيش ومشتقاته، يؤدي إلى حالات حادة من الخوف والأفكار الضالة المنحرفة، إضافة إلى القلق والميول العدوانية والسلوك الشاذ تجاه المجتمع.

أما الأضرار الصحية والجسدية التي تسببها الخمور والمخدرات، فهي كثيرة ولا يمكن حصرها، فهناك تليف الكبد، وزيادة في الكوليسترول والشحوم في الدم، ثم حدوث تصلب الشرايين وزيادة خطورة الإصابة بالذبحة الصدرية والسل الرئوي، هذا بالنسبة لمدمني الخمور.

أما عند مدمني المخدرات فهناك شلل في الأطراف، يبدأ من اليدين والقدمين ويزحف إلى الساعدين والساقين، حتى يصل إلى الذراعين والفخذين، ويكون فَقْدُ الإحساسات أشد من ضمور العضلات.

هذه هي الأضرار العقلية والنفسية والبدنية للخمور والمخدرات، فهل يبقى بعد هذا من يقول إن فيها منفعة لبدن الإنسان وعقله ونفسه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين سأله طارق بن سويد عن الخمر يصفها للدواء فقال: «إنه ليس بدواء ولكنه داء» رواه مسلم.

معاشر المسلمين: يقرر الخبراء أن السبب الأول في انتشار جرائم القتل والخطف والعنف والانتحار وجرائم الاغتصاب من الأشربة الكحولية والمخدرات، أما الحوادث المرورية فنسبة 50% من جميع حوادث المرور في العالم ناتجة عن شرب الخمور مباشرة والمخدرات، وصدق الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه حين حدّث أصحابه ذات يوم فقال: “اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث”.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

فأما سبل الوقاية من تعاطي الخمور والمخدرات فيمكن إجمالها فيما يلي:

1- تربية الأمة الإسلامية تربية تقوم على أساس الدين، وغرس الإيمان في نفوس أفرادها وإحياء ضميرها بتعاليم الإسلام الصالحة، والأسوة الحسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنه إذا فقد الإيمان فلا قيمة حينئذٍ للإحصائيات والأرقام التي تتحدث عن الأضرار الطبية والنفسية والاجتماعية للخمور والمخدرات، ومنها مراقبة النشء.

2- ومن سبل الوقاية إقامة الحد على متعاطي الخمر والمخدرات ومروجي المخدرات بصفة خاصة، فالاتجار بها أو بيعها محرم شرعًا، فضلًا عما في ذلك من الإعانة على المعصية وإشاعة الفساد، ونشر الموبقات والمنكرات، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.

3- من سبل الوقاية توعية المسلمين بمضار المسكرات والمخدرات بين صفوف المتعلمين حتى يكونوا على حذر تام من أخطارها والوقوع فيها واختيار الرفقة الصالحة منذ الصغر.

4- توعية المسافرين إلى البلاد الغربية طلبًا للعلم، أو التجارة أو السياحة، توعيتهم وتحذيرهم في آن واحد من الانسياق والانغماس في أوحال الرذيلة وارتياد أماكن الفساد في تلك المجتمعات.

5- التعاون مع رجال الأمن وبخاصة رجال المكافحة.

هذا والله أسأل أن يكفينا وإياكم شر الخمور والمخدرات، إنه سميع مجيب، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم أصلح شباب المسلمين وفتياتهم إلى ما فيه خيرهم ونفعهم يا رب العالمين، اللهم قنا الربا والزنا والزلازل والمحن، وكل الفتن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لنا وارحمنا، وخذ بأيدينا إلى ما تحب وترضى، وجنبنا المعاصي والآثام وكل ما يغضب وجهك الكريم يا عزيز يا غفور.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. أقم الصلاة.

Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
udemy free download
download intex firmware
Download WordPress Themes Free
free online course