اتصل بنا
بين النعمة والنقمة
19/03/2003

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله تعالى حيث أوجدكم من العدم وغذاكم بالنعم وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض.

معاشر المسلمين: قال تعالى في محكم كتابه العزيز ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّه قال ابن عباس: “هم الملائكة يحفظونه بأمر الله فإذا جاء القدر خلوا عنه”.

معاشر المسلمين: كل مسلم ومسلمة على قيد الحياة محتاج غاية الاحتياج إلى حفظ الله تعالى له لكن لِمن يكون حفظ الله عز وجل، إنه لا يكون لمن عصى الله عز وجل وخالف أوامره، إنما يكون لمن أطاع الله عز وجل، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا قال: «يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» أخرجه أحمد والترمذي.

والحفظ: المراد به من العبد هو حفظ حدود الله، والمراد به الوقوف عند أوامره بالامتثال وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده فلا يتجاوز ما أمر به وأذن فيه إلى ما نهى عنه، فمن فعل ذلك فهو من الحافظين لحدود الله الذين مدحهم الله بقوله: ﴿هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ.

عباد الله: وحفظ الله للعبد نوعان: أحدهما حفظه في حياته الدنيا، كحفظه في بدنه وأهله وماله، قال سبحانه: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ومن حفظ الله في صباه وقوته حفظه الله في حال كبره وضعف قوته ومتعه بسمعه وبصره وقوته وعقله: “كان أحد السلف قد جاوز المائة وهو متمتع بقوته وعقله فوثب يومًا وثبة شديدة، فعوتب في ذلك فقال هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر”.

والنوع الثاني من الحفظ: وهو أشرف النوعين:

حفظ الله للعبد في دينه وإيمانه، فيحفظه في حياته من الشبهات المضللة ومن الشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته فيتوفاه على الإيمان، قال تعالى مخبرًا عما حصل ليوسف عليه السلام ﴿كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ.

وانظروا إلى ساعة الفرج بعد الشدة لأولياء الله، فيما حصل لمريم ابنة عمران: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّاإلى آخر الآيات التي بينت كيف أن مريم عليها السلام حملت بعيسى عليه السلام ثم ولدته، وكانت محط تهمة من قومها حيث قالوا: ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا فلم تجبهم واكتفت بالإشارة إلى الغلام وهي لا تدري ماذا سيقول واستغرب القوم أن تحيلهم إلى طفل في المهد ليجيبهم ولكنهم فوجئوا أن الغلام ترك ثدي أمه ويكلمهم بأمر الله قائلًا: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا.

وهنا أتى الفرج من مفرج الكربات وانكشف للقوم قدرة الله وأبصروا المعجزة الربانية، وخف مصاب تلك المرأة الحزينة، فمن أراد تفريج الكربات فليتقرب إلى الله حال الرخاء.

اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين، وانصر إخواننا في كل مكان، ودمر أعداءك أعداء الدين من الكفرة الظالمين الحاقدين يا رب العالمين.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله معز من أطاعه ومذل من عصاه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعد:

عباد الله: إن الابتلاء والامتحان من سنن الله في خلقه: ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ، ولما كان هذا الابتلاء الذي يصيب المؤمن كان حرِّيًا به أن يصبر، وصدق الله إذ يقول: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ، وقال أيضًا: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.

اللهم إننا نشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت القوي الجبار، بيدك الخير، عدلك في حكمك، لا حول ولا قوة إلا بك، اللهم انصر الإسلام والمسلمين ودمر أعداء الدين، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين، اللهم من أرادنا أو أراد أي بلد إسلامي بسوء فاجعل تدبيره تدميرًا عليه، اللهم أهلكه، اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرج المسلمين منهم سالمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم واشكروا له يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
udemy paid course free download
download samsung firmware
Download Best WordPress Themes Free Download
online free course