اتصل بنا
قصة موسى والخضر عليهما السلام
11/10/2003

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وحده، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعد:

اتقوا الله عباد الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

أيها الإخوة: فقد ساق الله لنا من قصص الأنبياء والمرسلين في كتابه الكريم ما يدل على أنه قد ربى من اصطفاهم وتعهدهم بالرعاية وطهرهم من كل ما يتنافى وعصمتهم، كما ورد ما يتضمن أن الله كان يُعلم رسله ويربيهم ويهذبهم بأن يضعهم أمام موقف يستكشفون من خلاله الحقائق والعبر، مثل قوله تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾، وفي قصة يوسف عليه السلام مع إخوته وما آل إليه من تبوئه عرش الملك وكأن الله تعالى يذكر رسوله صلى الله عليه وسلم معاملة قوله له: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾، قال ابن عاشور في تفسيره “إن الاعتبار بالقصة لا يحصل إلا إذا كانت خبرًا عن أمر واقع بخلاف القصص الموضوعة بالخيال والتكذيب فإنها لا يحصل بها اعتبار لاستبعاد السامع وقوعها لأن أمثالها لا يُعهد مثل مبالغات الخرافات وأحاديث الجن والغُول عند العرب، فالسامع يتلقاها تلقي الفكاهات والخيالات اللذيذة ولا يتهيأ لاعتبار بها إلا على سبيل الفرض والاحتمال وذلك لا تحتفظ به النفوس” انتهى كلامه رحمه الله، يضاف إلى ذلك فالقصة القرآنية تحقق أهداف التربية تمامًا وتدعو الإنسان وتثير عواطفه وعقله إلى طلب العلم، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه قصص توجيهي علمي وعملي كما هو حال موضوع خطبتنا هذه، قصة موسى والعبد الصالح عليهما السلام، كما وردت في سورة الكهف، وسورة الكهف من السور المكية التي نزلت على الرسول الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قبل هجرته الشريفة باتفاق العلماء، وقد تضمنت هذه السورة عدة أحداث فهناك الفتية الذين فروا بدينهم وآووا إلى الكهف فأماتهم الله 309 سنوات وقصة ذي القرنين وغيرها.

وقد استهل الله قصة موسى والخضر عليهما السلام بقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا . فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾، وسبب القصة كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم وموجزها أن موسى عليه السلام قام خطيبًا في بني إسرائيل مذكرًا لهم بأيام الله، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه أن لي عبدًا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يا رب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتًا فتجعله في مِكْتل فحيث فقدت الحوت فهو، ثمَّ فانطلق مع فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا صخرة ناما فعاد الحوت حيًّا وسقط في البحر متخذًا سربًا وأمسك الله عن الحوت جرية الماء وفي اليوم التالي تابع موسى مع فتاه المسير حتى إذا تعبا قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا، أي: تعبًا ولما هَمَّ أن يقوم الفتى للغداء تذكر ما كان من أمر الحوت وأنه تسرب إلى الماء وكان البحر للحوت سربًا ولموسى وفتاه عجبًا، فعادا إلى مكان الصخرة فوجدا رجلًا مغطى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام ثم قال أنا موسى بني إسرائيل أتيتك لتعلمني مما عملت رشدًا، قال: إنك لن تستطيع معي صبرًا يا موسى، إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، فأظهر موسى استعداده للالتزام الصبر والطاعة وشرط عليه الخضر ألا يسأله عن شيء حتى يخبره به فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة فحملوهما بغير أجر لمعرفتهم الخضر، ففوجئ موسى بخلع الخضر لوحًا من السفينة بالقدُوُّم، فاعترض موسى بأنه عَرَّض السفينة للغرق فذكره الخضر بالعهد فاعتذر موسى بالنسيان، وجاء عصفور على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخصر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر، ثم خرجا من السفينة ومشيا على الساحل، فأبصر الخضر غلامًا يلعب مع الغلمان فقتله الخضر فأنكر موسى عليه إنكارًا أشد مما سبق لقتله نفسا زكية بغير نفس فذكَّره بما سبق لقتله نفسًا زكية بغير نفس، فذكَّره الخضر بالعهد فاعتذر موسى وطلب ترك الصحبة إن خالف مرة أخرى، ثم انطلقا وأتيا أهل قرية فأبوا ضيافتهما فوجدا جدارًا آيلًا إلى السقوط فأقامه الخضر فقال له موسى: لو طلبت أجرًا على عملك، ففارقه ثم أخبره عن أسباب الحوادث الثلاث:

أما تعييب السفينة فكان إنقاذًا لها من غصب ملِك ظالم يغتصب كل سفينة صالحة جيدة، فهذا عمل إن كان ظاهره الفساد ففي حقيقته رحمة، وأما قتل الغلام فكان حفظًا لدين أبويه من طغيانه وانحرافه وكفره خشية الميل إليه بدافع حب البنوة وذلك ليعوضهما الله خيرًا منه زكاة ورحمًا.

وأما الجدار فكان إعادة بنائه محافظة على كنز تحته ليتيمين صغيرين من أصل كريم وأب صالح فإذا بلغا استخرجا كنزهما وكان لهما حلالًا طيبًا.

وأعلن الخضر أنه ما فعل هذه الحوادث بعلمه ولا برأيه ولكن بوحي الله وهدايته وذلك تأويل ما لم يستطع موسى الصبر عليه. وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما تِسْطِع عليه صبرًا.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
online free course
download mobile firmware
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy free download