اتصل بنا
التقنية الحديثة.. بين البناء والهدم
17/12/2004

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى 

الحمد لله معزِّ من أطاعه، ومذل من عصاه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

عباد الله: عباد الله اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

أيها المسلمون: إن من كمال الله تعالى وحكمته أنه لم يخلق شيئًا عبثًا، بل خلق لحكمة ولم يترك خلقه هملًا، بل كل شيء عنده بمقدار، خلق الخلق من العدم وأسبخ عليهم النعم، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا».

يقبل توبة التائبين ويضاعف الأجر للمحسنين ويعفو عن كثير، حرم الظلم على نفسه، قد سبقت رحمته غضبه ومع هذه الأفضال الإلهية والمنح الربانية إلا أن أصنافًا من الخلق غلبت عليهم شقوتهم واجتالتهم شياطينهم، فأبوا إلا عنادًا واستكبارًا، لبّس عليهم الشيطان فجاهروا بالمعاصي وزين لهم سوء أعمالهم.

عباد الله: مداخل الشيطان على الإنسان كثيرة ومتنوعة، لكن يزيد خطرها، ويتضاعف أمرها إذا كان ضررها متعديًا، وإن من تلك المصائب التي بليت بها أمة الإسلام وغزيت بها في عقر دارها، بل تسابق كثير منهم في تحصيلها والشغف بها، تلك القنوات الفضائية ووسائل الاتصال الحديثة ذات التقنية الجديدة، تلك التي ما فتئ أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم يتفننون في ترويجها والدعاية لها، وتسابقت شركاتهم ومؤسساتهم في تصدير بضاعتهم المزجاة إلى بلاد الإسلام والمسلمين وحتى غدا بثهم على مدار اليوم كله، إمعانًا في الكيد للإسلام وأهله، كل ذلك بلباس الثقافة والترويح.

أيها الإخوة: إن أولادنا هم فلذات أكبادنا فتلك التقنية الحديثة سخرت أساسًا لخدمة الإنسان فيما يعود عليه بالنفع، لكننا نرى انقلابًا في مفهوم الاستفادة، فنجد أغلب الشباب يسخّر هذه التقنية لإرضاء شهوته ومطامعه الجنسية، فمثلًا القنوات الفضائية وما تبثه من أفلام هابطة تدعو إلى الإباحية، فلكم أن تتصوروا شابًا في المرحلة المتوسطة يشاهد تلك القنوات، فكيف وضعه بعد ذلك، وماذا تصنع به تلك الشهوة؟ والأدهى من ذلك تغاضي أولياء الأمور عن تصرفات أولادهم وما امتلكوا من أجهزة الهاتف النقال وما فيه من هدم للأخلاق والمبادئ والقيم، فضلًا عما فيه من معاكسات وصور ماجنة.. إننا نصغي لمطالبهم ونؤمِّن لهم كل جديد من التقنية الذي يسبب انحلالهم، وبعد ذلك نلقي اللوم على المعلم أو المعلمة أو المدرسة، وكأن الآباء بعيدون كل البعد عن تصرفات أبنائهم.

أيها الإخوة: إن عصرنا اليوم عصر الشهوة، عصر المغريات، عصر البعد عن الله تعالى، إلا من عصم الله وقليل ما هم.

فهلا أخذنا درسًا من كتاب ربنا حينما ساق لنا أخبار من قبلنا وما حلّ بهم من عقوبة، هل أَمِنَّا ألا تحل بنا بسبب تخلينا عن واجبنا تجاه أولادنا، ألم يعلم الآباء أن من نتائج تلك المفسدات عقوقًا من الأولاد وضياعًا للأخلاق، وقد يتعدى ذلك إلى ما لا يرضاه الله ولا ترضاه من منكرات الأهواء والأدواء. فنسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، وأن يصلح أحوالهم، وأن يكفينا شر النفس والهوى والشيطان.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

أيها الإخوة: إن الخرق اتسع على الراقع، وهذا أمرٌ مشاهدٌ في واقعنا المعاصر، فكيف السبيل إلى معالجة هذه الإسفافات والإخفاقات من شبابنا الذين هم عمادُ المستقبل، فعليهم تتعلق الآمال والطموحات.

إن المعالجة تبدأ أساسًا من البيت فعن طريق المراقبة نستطيع أن نصل بالأولاد إلى برّ الأمان، فتلك الوسائل التقنية الحديثة هي وسائل بناء أو هدم بحسب مستخدميها، فجهاز التلفزيون والإنترنت والهاتف المحمول المصاحب بالكاميرا، يمكن أن يستفيد منها مستخدمُها، ويمكن أن تقضي على مستخدمِها، إنها سيف ذو حدين لمن فقد ذاته، وثقته بنفسه، وضعف إيمانه عن التأثير في سلوكه، فكان يتخبطُ في بؤرةِ الرذيلةِ والانهزام النفسي.

إن الواجب أصلًا على مستخدمها عند استخدامها أن يقول في باطنه الآتي:

1- من أنا؟

2- ولماذا؟

3- وماذا بعد ذلك؟

إذا تحققنا بالأسئلة هذه وعرفنا إجابتها الحقة قبل الاستخدام، انقلبت هذه الأجهزة إلى وسيلة بناء تقنية، وترقية علمية وثقافية، وإن لم نحقق ذلك كانت وسيلة هدم وتخلف فكري وحضاري.

من منا يريد الرذيلة لنفسه ولذويه؟ فكيف يريدها للآخرين بتعديه عليهم بواسطة هذه الأجهزة ذات الأسنَّة الحادة، بل كيف ينال من شرفهم على حين غفلة من أمرهم كالمختلس، وإن أخذه على علمهم كان كقول القائل: لكل ساقطة في الحيِّ لاقطةٌ.

عباد الله: إن هذا الخطر تقع مسؤوليته أول ما تقع على الآباء، فإن كان للوالدين ضمير حي وأخلاق كريمة، حاصروا هذه الأجهزة بتنظيم التعامل معها من جهة، وراقبوا أبناءهم من جهة أخرى مع التهديد والوعيد، ولا يغني عنك أيها الأب نصحك لولدِك وابنتك فلابد من أخذ الأمر بجدية أكثر والإمساك بخيوط الأمر بجدية محكمة، ولو أدى ذلك إلى إخراج هذا النوع من الأجهزة من البيوت.

اللهم قنا الفتن ما ظهر منا وما بطن، اللهم أصلح شبابنا وفتياتنا، وجنبهم الشهوة والشهوات، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين، اللهم إنا نبرأ إليك من كل من يفتن بلاد المسلمين، اللهم انصر عبادك الموحدين في كل بلاد المسلمين، اللهم احفظ هذه البلاد من كل سوء ومكروه وجميع بلاد المسلمين، ومن أراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا ووفقهم بتوفيقك، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وتوفنا وأنت راضٍ عنا، واغفر لوالدينا ووالدي والدينا ولمن له حق علينا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع الدعاء غفور رحيم، وصلوا على نبيكم نبي الرحمة والهدى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وقوموا إلى صلاتكم يغفر الله لنا ولكم.

Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
udemy course download free
download mobile firmware
Download WordPress Themes Free
free online course