اتصل بنا
الثبات أمام التحديات المعاصرة
17/02/2006

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي النجاة وسبيل الفلاح.

عباد الله: إن المسلم اليوم يواجه تحديات معاصرة وكثيرة، وتيارات فكرية ومغريات دنيوية، تُحدث في نفسه هزات عنيفة، وتنشئ في العقل الحيرة، وفي الضمير البلبلة، وفي الكيان الفساد، مع ضعف الثبات وتقاطر الشهوات والشبهات يُضحي المتمسك بالسنة متساهلًا، والمناصر لها مناوئًا، وتُصغي الفتاة المسلمة بأذنها إلى أفكار دخيلة، وبجسدها لملابس خليعة، تكاد أن تهتك حياءها، فيحوم الفتى حول الحمى يوشك أن يقع فيه.

في غياب الثبات على الحق تخبو جذوة الإيمان وقد تضعف، فكم نشيط في الخيرات اعتراه نعاس واسترخى، وكم باذل نفسه للباقيات الصالحات صدته العوائق، وعاقته الأشغال، وكم مثابر في الطاعة قد وهنت قواه وخمدت نيرانه.

إن إقبال الدنيا ببريقها وزخارفها من الأموال والأولاد والشهادات والوظائف، والمنصب والجاه، وتعلق القلب بها من أسباب ضعف الثبات، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا، وقال صلى الله عليه وسلم: «فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتُهلككم كما أهلكتهم» رواه البخاري ومسلم.

وفي ذهاب الثبات أو ضعفه تتوالى أخبار السقوط والساقطين، حتى إنها لتكاد تخلع القلب من الخوف، فتنة النفس والشهوة، جاذبية الأرض، الرغبة في المتاع، صعوبة الاستقامة على صراط الإيمان مع المعوِّقات والمثبطات في أعماق النفس وفي ملابسات الحياة، تُنهك القوى، وتزعزع الأركان وتضعف الثبات.

وفي تعليق ابن القيم رحمه الله على حديث: “وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها” رواه البخاري.

يقول رحمه الله: “لما كان العمل بآخره وخاتمته لم يصبر هذا العامل على العمل حتى يتم له، بل كان في آفة كامنة، ونكتة خُذل بها في آخر عمره، فخانته تلك الآفة والداهية الباطنة في وقت الحاجة، فرجع موجبها وعملت عملها، ولو لم يكن هناك غش وآفة لم يقبل الله إيمانه”. يقول القرطبي رحمه الله: “اعلم أن سوء الخاتمة -أعاذنا الله منها- لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه، وما سُمع بهذا. ولا علم به -والحمد لله- وإنما تكون لمن كان له فساد في العقل، أو إصرار على الكبائر وإقدام على العظائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة”. انتهى.

وحذرًا من كبوة ليس بعدها انتعاش، ومزلة يعقبها خسران ومذلة، كان يلهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أحواله بهذا الدعاء: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» وقالت أم سلمة رضي الله عنها: يا رسول الله ما أكثر دعاءك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك؟ قال:«يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله، فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ» فتلا معاذ رضي الله عنه: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ أخرجه الترمذي وأحمد وقال الترمذي حديث حسن.

الثبات على الحق هو مصدر الطاقات المتجددة، بل هو الحارس الحامي لصاحبه من الزلل والسقوط. يتمثل الثبات في مثابرة دائمة، وطاعة لا تنقطع، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «أدومه وإن قلَّ» رواه البخاري ومسلم، وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملًا أثبتوه. رواه مسلم.

يقول النووي رحمه الله: أي لازموه وداوموا عليه. والقول الجامع لحقيقة الإسلام إيمان وثبات.

وانظر إلى ما أجاب به الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي لما سأله بقوله: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك؟ قال: «قل آمنت بالله فاستقم» رواه مسلم.

يُعايش المسلم في حياته فتن الشهوات المتنوعة العارمة، بل وفتن تضارب الآراء ولاسيما عند تفاوت المدارك واختلاف المشارب، الأمر الذي يهدد معتقد المسلمين ووحدتهم.

وتثبيت الإيمان خوفًا من الانزلاق مع الآراء والأهواء محلُّ اهتمام سادات الأمة، قال سبحانه وتعالى عنهم: إنهم قالوا: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾، ﴿وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.

لما أمرَ الوليد بن عبدالملك بهدم حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لتوسعة المسجد النبوي، قال عطاء: سمعت سعيد بن المسيب يقول يومئذ: “والله لوددت أنهم تركوها على حالها، ينشأ ناشئ من أهل المدينة، ويقدم القادم من الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، ومفاتيح خزائن الدنيا بيته”، وكان صلى الله عليه وسلم يملك أن يبني لنفسه قصورًا شاهقة ولو أنه أشار إلى رغبته بذلك مجرد إشارة لسارع الأنصار في بنائها، لم يفعل ذلك، فقد جمع الهمة لعمل الآخرة، وثبت صلى الله عليه وسلم أمام المغريات حتى مات.

يتمثل الثبات في رفض كل مظاهر الاختراع، وفنون الابتداع في الدين، ونصوص الشريعة سدت منافذ الغلو وأصول الانحراف والابتداع، فلا يُعبد الله إلا بما شرعه وأذن به، لا بما تستحسنه العقول، وتستسيغه الأهواء، وحين يتعرض المؤمن لنكبات الدنيا ويحيا في دوامة المحن، فلن تقذف به الأمواج ولن تطيح به العواصف، ذلك أن المؤمن أصبر الناس على البلاء، وأثبتهم في الشدائد.

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناس أشدُ بلاءً؟ قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صُلبًا اشتد بلاءه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرحُ البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض ما عليه خطيئة» الترمذي.

في زماننا فقد بعض الناس الثبات في الأخلاق، فهي تتبدل بتبدل أحوال الحياة، يخلع منها ويلبس، يدور مع الدرهم والدينار، يتمثلها في أسمى معانيها إذا دَرَت بها منافعه، ثم لا يبرح هزئا من الأخلاق ساخرًا منها.

وقديمًا جاهد المسلمون وفتحوا العالم وشرحوا الصدور، فأثبتوا في كل أرض ثبات أخلاقهم في الحرب والسلم، في الفقر والغنى، مع العالية والسافلة.

هؤلاء الثابتون هم الذين يسعدون بالثبات عند الممات، كيف لا، وهم الموقنون بلقاء ربهم وكيف لا، والقرآن الكريم يقول: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُاللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء الأرض والسموات، أحمده سبحانه وأشكره على ما مضى من نعم، وما هو آت، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الخلق والأمر وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، صلاةً دائمة تامة إلى يوم الممات. أما بعد: يحتاج المسلم إلى السعي لتحقيق الثبات بطلب وسائله:

القرآن الكريم وسيلة التثبيت الأولى، فحين يقبل المسلم على كتاب ربه بروحه ومشاعره، بقوله وعمله واعتقاده، تعلمًا وتعليمًا، تلاوة وتدبرًا، يجد فيه العصمة والثبات، أيضًا العلم المخلص في تحصيله، المتقي فيه الله تعالى، الدعاء هو السلاح الأمضى، كثرة الأعمال الصالحة، تدبر قصص الأنبياء للتأسي والعمل بها، التخلق بالأخلاق المعينة على الثبات، وأعظمها الصبر، البعد عن مظان الافتتان بملبوس أو مأكول أو مشروب أو مركوب أو مجالس أو مقروء، ومن المجالس الفاتنة مجالس المنحرفين في اعتقاد أو فكر أو سلوك أو غير ذلك، صحبة الصالحين من وسائل الثبات، اللهم ارزقنا الثبات في كل أمورنا.

أيها الإخوة: تطاول الإعلام الغربي على النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد فلتة عارضة من مجلة مغمورة، بل أصبح ظاهرة مستفزة لمشاعر المسلمين يتتابع عليها عدد من القساوسة والإعلاميين ورجال الفكر الغربي في الآونة الأخيرة خصوصًا، وليس ذلك غريبًا من أولئك القوم، لكن الغريب كل الغرابة أن ترى بعض المسلمين لا يلتفت إلى ذلك التطاول، ولا يلقي له بالًا، ولا يغار على دينه ونبيه صلى الله عليه وسلم، والأغرب من ذلك أن فئامًا من أهل الأهواء ممن ينتسبون إلى الإسلام سقطوا أيضًا في هذه الهاوية ولم يتورعوا عن الانتقاص من حبيبنا عليه أفضل الصلاة والسلام.

وعلى الرغم من حزننا البالغ من هذه الظاهرة إلا أننا تفاءلنا كثيرًا من مواقف عامة المسلمين، فالتطاول على النبي صلى الله عليه وسلم، أحيا ولله الحمد الغيرة عند كثير من المسلمين من مختلف شرائح المجتمع، حتى من بعض المقصرين، وصدق المولى جل وعلا: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، ولكي لا تكون غيرتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم مجرد رد فعل عابر، فإنه يجب أن تكون دلائل محبته ومظاهر تعظيمه في الآتي:

أ – تقديم النبي صلى الله عليه وسلم وتفضيله على كل أحد.

ب- سلوك الأدب معه صلى الله عليه وسلم، ويتحقق بالأمور التالية:

  1. الثناء عليه صلاة الله عليه وسلم بما هو أهله، وأفضل ذلك الصلاة والسلام عليه.
  2. الإكثار من ذكره والتشوق لرؤيته وتعداد فضائله وخصائصه ومعجزاته ودلائل نبوته.
  3. التأدب عند ذكره صلى الله عليه وسلم.
  4. الأدب في مسجده وكذا عند قبره وترك اللغط ورفع الصوت.
  5. حفظ حرمة بلده المدينة المنورة.
  6. توقير حديثه.

جـ- تصديقه فيما أخبر واعتقاد عصمته صلى الله عليه وسلم من الكذب أو البهتان.

د – اتباعه وطاعته والاهتداء بهديه.

فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي المثال الحي الصادق لمحبته عليه الصلاة والسلام، فكلما ازداد الحب زادت الطاعات، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، فالطاعة ثمرة المحبة، وفي هذا يقول أحد الشعراء:

تعصي الإله وأنت تزعم حبه              ذاك لعمري في القياس بديع

لو كان حبك صادقًا لأطعته              إن المحب لمن أحب مطيـــــع

هـ – التحاكم إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

و – الذبّ عنه يقتضي أمورًا، منها:

  • الذبُّ عن أصحابه رضي الله عنهم، وحقوق الصحابة رضي الله عنهم كثيرة جدًا ومنها:
  • محبتهم والترضي عنهم.
  • الاهتداء بهديهم والاقتداء بسنتهم.
  • الذبُّ عن زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.

ح – الذبُّ عن سنته:

ومن الذب عن سنته صلى الله عليه وسلم حفظها وتنقيحها وحمايتها من انتحال المبطلين وتحريف الغالين وتأويل الجاهلين ورد شبهات الزنادقة والطاعنين في سنته وبيان أكاذيبهم ودسائسهم.

ط – نشرُ سنته صلى الله عليه وسلم.

فمن تمام محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه الحرص على نشر السنة وتبليغها، وهو باب عظيم من أبواب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، لأن في ذلك سعي لإعلاء سنته ونشر هديه بين الناس، ومن مقتضيات ذلك: الحرص على إماتة البدع والضلالات المخالفة لأمره وهديه، ولا شك بأن الابتداع في دينه من خوارم المحبة الصادقة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد” تلك أمارات حب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، تقاس بها درجة التعظيم، وتُفحص بها حرارة المحبة.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وعبادك الصالحين. اللهم عليك بمن سخر أو استهزأ بنبيك ورسولك خاتم الأنبياء والمرسلين، فإنه لا يعجزك، اللهم انصر الإسلام والمسلمين ودمر أعداءك أعداء الدين، اللهم احيي سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم وفقنا لما تحب وترضى، واهدنا إلى سواء الصراط، واجعلنا من الناجين من عذاب النار، اللهم وفق ولاتنا وولاة المسلمين إلى تحكيم كتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم إنا نبرأ إليك مما فعله سفهاؤنا من التعرض إلى نبيك محمد صلى الله عليه وسلم والنيل منه على مواقع الإنترنت، اللهم اهدهم إلى الطريق الصحيح، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا غيث لا سقيا هدم ولا غرق، اللهم أسعد به العباد والبلاد يا رب العالمين.

هذا وصلوا على نبيكم نبي الرحمة والهدى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وقوموا إلى صلاتكم يغفر الله لنا ولكم.

Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
udemy free download
download lava firmware
Premium WordPress Themes Download
udemy paid course free download