اتصل بنا
النكاح
03/07/2020

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وصحابته الميامين والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

عباد الله: تتعاقب على الناس أيام وأيام ومواسم تليها مواسم، وها نحن في هذه الأيام في موسم الإجازة الصيفية بعد عناء مشقة الاختبارات، تلتها فترة راحة واستجمام للمعلمين والطلاب، وهكذا الإنسان دواليك.

إن هذه الإجازة لابد للإنسان العاقل من أن ينظر في استغلالها حتى يحصل على الثمرة، فمن يعول أسرة فلينظر فيما الوقت المستفاد لهم حتى يسعد دنيا وآخرة.

إن من ثمرات هذه الإجازة واستغلالها المبادرة بتزويج الفتاة متى ما تقدم إليها الرجل الكفء، والشاب متى ما وجد المرأة المناسبة، والحديث عن الزواج حديث تدعو الحاجة إليه عمومًا، وفي هذه الأيام على الخصوص، وفيه عدة تنبيهات يحسن الإشارة إليها، وفي الحديث عن الزواج مشاركة لهموم قطاع كبير من الشباب والفتيات فضلًا عن الكبار من الرجال والعانسات من النساء.

أيها الشاب المسلم: المفترض أنك حين تهم بالزواج وفي ذهنك عدة أغراض وتريد أن تحقق أكثر من هدف للزواج، في إحصان فرجك عن الحرام عن طريق الزواج المشروع: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾، فلا النظرة المحرمة ولا العادة السرية ولا الارتماء في أحضان الساقطات يحقق لك أهداف الزواج، وتحقيق سنة الأنبياء عليهم السلام في الزواج وإكمال هدفٌ ينبغي ألا يغيب عن ذهنك، وقد قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾، وتكثير نسل المسلمين والسعي لإيجاد ذرية صالحة تعتز بها وتسعد في حياتك وينفعك الله بها والمسلمين بعد مماتك؛ هدف جليل ينبغي أن تضعه نصب عينيك وتسعى في سبيله لاختيار الولود الودود من النساء، ومحمد صلى الله عليه وسلم يوصيك بهذا ويقول: «تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة».

ومن أهداف الزواج التي يباركها الإسلام ترابط الأسرة وتقوية أواصر المحبة بين الزوجين، وتنمية غريزة الأبوة والأمومة بين الزوجين ومزيد الشعور بحق الوالدين، من خلال محبة الأطفال ورعايتهم والشعور بمسؤولية الزواج وما يدفعه إلى العمل وبذل الأسباب في سبيل الاستغناء وإغناء من يعولهم، كل ذلك إيجابيات وواجبات حث الإسلام عليها.

وكل ذلك لا ينافي الاستمتاع بما أحل الله من ملاذ الدنيا وقضاء الوطر حسب ما شرع الله: «فالدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» رواه مسلم.

وحين تكون هذه الأهداف حاضرةً في ذهنك فإني أنصحك أخي الشاب أن تختار لنطفتك فالعرق دساس، وألا يكون الجمال وحده مؤشر الاختيار عندك، فكم من حسناء تنبت في منابت السوء، فإياك وخضراء الدِّمن، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حدد الأغراض التي تنكح لها المرأة غالبًا، فقد قال في النهاية موصيًا: «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وحري بك أن تختار زوجتك من بيئة كريمة معروفة باعتدال المزاج وهدوء الأعصاب والبعد عن الانحرافات الخلقية والنفسية، فإنه أجدر أن تكون هذه المرأة حانية على ولدها راعية لحق زوجها.

أيها الشاب: ونذكرك ألا تكون الشهوة الجنسية هدفك الأول والأخير مع حلها لك كي تبلغ الكمال في رجولتك وتعدد أغراض الزواج في حاضرك ومستقبلك لنفسك ولزوجك ولأولادك وللمجتمع من حولك، وإياك أن تسرف في الشروط والمواصفات أو أن تخشى الفقر من زواجك وأولادك، فتلك معوقات وهمية فاحذرها، وإن طاردك شبح غلاء المهور فعسى أن يجعل الله لك فرجًا ويرزقك من حيث لا تحتسب والزم أمر الله: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾، وتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» متفق عليه.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، جعل الزواج عبادة يتقرب بها العبد إلى مولاه ومنَّ على عباده بنعمة الزوج والولد فقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ﴾، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أخبر وهو الصادق المصدوق عن قيمة الزواج بقوله: «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه في شطر دينه وليتق الله في الشطر الباقي» رواه الطبراني والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

وقال ابن مسعود – رضي الله عنه -: (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها ولي طَوْل النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة). اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الصحابة والتابعين إلى يوم الدين.

أيها المسلمون: ويشكل المجتمع عاملًا مساعدًا على الزواج أو عائقًا دونه، فبذل المحسنين لمساعدة المتزوجين يسهم في كثرة الزواج ومبادرة الشباب للزواج، واستشعار عدد من الجمعيات الخيرية لدورها في دعم الشباب الراغب في الزواج ومساعدتهم أو إقراضهم، كل ذلك خطوات إيجابية ومظاهر صحية تشكر عليها هذه الجمعيات، ويشكر القائمون عليها لاستشعارهم بهذا الدور الرائد. كما أن مما يعد من مشجعات الشباب على الزواج تيسير المجتمع تكاليف الزواج وتخفيض المهور والاقتصاد في مؤنه وإلغاء الموائد المكلفة والتي لم ينزل الله بها من سلطان.

أما ما يُعد من معوقات المجتمع للزواج، فمنها المغالاة في المهور وما يتبعها من تكاليف أخرى والتشدد أحيانًا في الشروط.

والمؤسف حين يكون تأخير الزواج سببه عضل الآباء لبناتهم وعدم رغبتهم في زواجهن مع كثرة الخطاب الأكفاء لهن، ولاسيما إن كانت موظفة يستفيد من راتبها ويخشى انقطاع ذلك بزواجها وقد يرفض قبل أن يستأذنها.

ومن المعوقات إجبار الأهل للفتاة أو للفتى على الزواج ممن لا تتوفر فيه الرغبة، ليس لشيء إلا لصلة القرابة أو نحو ذلك، مما لا يستوجب إكراه الفتى أو الفتاة على الزواج، فتتأخر الفتاة أو الفتى عن الزواج بسبب ذلك.

ومن الأخطاء التي تمارس في المجتمع أحيانًا عدم استئذان الزوجة في الزوج الذي تريد أن ترتبط معه طيلة حياتها، وشريعة الإسلام وسنة محمد صلى الله عليه وسلم تأمر باستئذان المرأة، يقول عليه الصلاة والسلام: «لا تنكح الأيم حتى تُستأمر ولا تنكح البكر حتى تُستأذن، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» متفق عليه.

أيها الولي: ليس من حقك أن تجبر ابنتك أو أختك على الزواج بمن تكرهه، أما إن كان الزوج صاحب فسق مصرًّا على الفسوق فلا ينبغي أن يُزوج. قالت عائشة رضي الله عنها: «النكاح رقٌ فلينظر أحدكم أين يضع كريمته».

أيها الأولياء: ومن السنة أن ينظر الخاطب إلى مخطوبته ولكن دون خلوةٍ بها، قال صلى الله عليه وسلم: «انظر إليها فإنه أحرى أن يُؤدم بينكما» أي أجدر أن يدوم الوفاق بينكما.

ومما ينبغي التنبيه عليه ألا يطول أمد الخطبة وليكن الرد بعد السؤال والتحري عاجلًا، إما بالقبول أو بالرد، حتى لا تتأذى المخطوبة ولا يتعطل الخاطب، ولطول الانتظار ألم ونكد لا يعرفه إلا من يكابده.

أيها المسلمون: وإذا كانت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة أو المرئية تعمل عملها في الشباب، فعملها في الفتيات أشد لاسيما القنوات التي بدأت تغزو العقول والأفكار وتسيء إلى القيم وتهدم الأخلاق، فاحذر أيها الشاب وأختي الفتاة واحذروا أيها الأولياء من آثارها، فكم هيجت من غرائز وكم أفسدت من عفيف أو عفيفة، وكم بلبلت من فكر ولاسيما تلك التي تشوه أحكام الله في النكاح والعشرة، فهذا برنامجٌ يعرض للاختلاط ويحطم الحواجز بين الأجانب من الجنسين، ويتحدث الرجل إلى المرأة ويمازحها وكأنها زوجته أو أخته وتُصور الخلوة المحرمة والسفور وكأنها تقدّم وحضارة، والحشمة والعفاف وكأنها تقاليدُ بالية، أما القُبلة وما وراءها من سفاسف الأمور المنتهية باللقاءات الجنسية، فكم تغزو أفلامها بلاد المسلمين وتقع المسؤولية الكبرى على الأولياء حين يوفرون هذه الأطباق العارضة لزبالة أفكار البشر وأخلاقهم وغزو اليوم غزو أفكار وأخلاق وعلى المسلمين أن يدركوا ميدان المعركة وألا يقع أحدٌ منهم في أتونها، وعلى صعيد آخر فكم تعرض وسائل الإعلام ما يشوّه صورة التعدد المباح في الإسلام مثلًا، أو غير ذلك مما جاءت به شريعة الإسلام.

وفي مقابل ذلك يمكن لوسائل الإعلام أن تكون وسيلة توجيه وإصلاح تعرض لأحكام الله في النكاح وتوضح سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الزواج وتبين للزوجين أسس العشرة الصحيحة وتعرض لأخطاء المجتمع بالنقد، وتنقل الصور الإيجابية ليعم النفع بها، وهكذا تتكامل الوسائل المصلحة، ويعود ذلك بأثره الإيجابي على المجتمع بأسره.

اللهم يسر للشباب والفتيات نكاحهم وبارك لهما وبارك عليهما واجمع بينهم بخير، اللهم اهد شباب المسلمين وفتياتهم إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم، اللهم انصر عبادك الموحدين، اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وجنبنا كلَّ ما يغضب وجهك الكريم، اللهم وفق ولاتنا وولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد، اللهم ارزقنا البطانة الصالحة، اللهم ادفع عنا الغلاء والربا والزنا والزلازل والمحن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، اللهم من أرادنا أو أراد أي بلد إسلامي بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا عليه. اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأكرم نزلنا وتوفنا وأنت راضٍ عنا يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى الآل والصحب والتابعين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وأقيموا الصلاة. إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

Premium WordPress Themes Download
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
udemy free download
download huawei firmware
Download Best WordPress Themes Free Download
online free course