اتصل بنا
القصة في القرآن الكريم وأثرها على النفس الإنسانية
27/07/2021

القصة في القرآن الكريم وأثرها على النفس الإنسانية

قصة موسى والخضر عليهما السلام نموذجًا

 

القصة تعبير عن الحياة وانعكاس للواقع وتصوير له، فهي بأحداثها وأشخاصها وأزمانها تتضمن أفكارًا ومشاعر ومواقف إنسانية، تمثل للإنسان في التزامه واغترابه وتمرده.

والقرآن الكريم والأحاديث النبوية تضم طائفة من أحسن القصص الهادفة، تجمع بين جمال الأسلوب والانفعال الوجداني والجدل العقلي، وتطلع الإنسان إلى عالم فاضل. وهي قصص ذات هدف وفيها من العبر ما ينير للبشرية طريقها.

وقد حرص علماء وأساتذة على تقديم هذا النوع من قصص الأمم السابقة وقصص الأنبياء المرسلين عليهم السلام، وحوادث السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي على اختلاف العصور والأساليب والأهداف، تقدم لنا تاريخ الأبطال والعلماء والمجددين وأعلام الثقافة والمفكرين رجالًا ونساء في مجالات العلم والأدب والدعوة والعمل الاجتماعي الإصلاحي.

ويستطيع المربي القدير والمعلم الناجح في أي مرحلة تعليمية وفي أي مادة تعليمية أن يجد الكثير من تلك القصص التربوية الخالدة في القرآن والسيرة النبوية.

فقد أنزل الله سبحانه وتعالى مائة وأربعة كتب، أهمها التوراة والزبور والإنجيل والقرآن الكريم، وكان عدد الرسل المأمورين بتبليغ رسالاتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولًا، وعدد الأنبياء الذين لم يؤمروا بتبليغ رسالة ربهم مائة ألف وأربعة وعشرين نبيًّا، فالمتحدث في هذه القصص هو الله عز وجل، والنبي بطل القصة، والزمان هو في بطون التاريخ الغابر، وقومه هم بنية القصة، والهدف: تقويم الاعوجاج الإنساني في العقيدة الدينية والأخلاق والسلوك وأنظمة الحياة.

قال الله تعالى: ﴿وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ  وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾  (سورة هود، آية 120).

وقد أصبحت القصة القرآنية وسيلة من الوسائل التربوية الناجعة في تنمية خبرات المتعلمين؛ لما للقصة من أثر عظيم في نفوس المتعلمين، وبخاصة إذا وضعت في أسلوب عاطفي مؤثر، ولا يقتصر أمر استخدام القصة على المؤسسات التربوية فحسب، بل أنها تمتد إلى ما هو أبعد من هذا -إلى إطار أهم وأشمل- ونحن نرى في حياتنا العادية ما تحققه القصة القرآنية في النفس الإنسانية من أثر، وبقدر ما يكون للقصة من أثر وانتشار، ولكن القصة لا تتناول بالتفصيل مسائل الحياة، وإنما تعرضها وتشير إليها، لذا رأيت أن أتعرض لقصة موسى والخضر عليهما السلام كما وردت في سورة الكهف- مبينًا ما تدور حوله هذه القصة، والدروس والعبر المستفادة منها؟

﴿فَلَمّا بَلَغا مَجمَعَ بَينِهِما نَسِيا حوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبيلَهُ فِي البَحرِ سَرَبًا ۝ فَلَمّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَد لَقينا مِن سَفَرِنا هذا نَصَبًا ۝ قالَ أَرَأَيتَ إِذ أَوَينا إِلَى الصَّخرَةِ فَإِنّي نَسيتُ الحوتَ وَما أَنسانيهُ إِلَّا الشَّيطانُ أَن أَذكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبيلَهُ فِي البَحرِ عَجَبًا ۝ قالَ ذلِكَ ما كُنّا نَبغِ فَارتَدّا عَلى آثارِهِما قَصَصًا ۝ فَوَجَدا عَبدًا مِن عِبادِنا آتَيناهُ رَحمَةً مِن عِندِنا وَعَلَّمناهُ مِن لَدُنّا عِلمًا ۝ قالَ لَهُ موسى هَل أَتَّبِعُكَ عَلى أَن تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمتَ رُشدًا ۝ قالَ إِنَّكَ لَن تَستَطيعَ مَعِيَ صَبرًا ۝ وَكَيفَ تَصبِرُ عَلى ما لَم تُحِط بِهِ خُبرًا ۝ قالَ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ صابِرًا وَلا أَعصي لَكَ أَمرًا ۝ قالَ فَإِنِ اتَّبَعتَني فَلا تَسأَلني عَن شَيءٍ حَتّى أُحدِثَ لَكَ مِنهُ ذِكرًا ۝ فَانطَلَقا حَتّى إِذا رَكِبا فِي السَّفينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقتَها لِتُغرِقَ أَهلَها لَقَد جِئتَ شَيئًا إِمرًا ۝ قالَ أَلَم أَقُل إِنَّكَ لَن تَستَطيعَ مَعِيَ صَبرًا ۝ قالَ لا تُؤاخِذني بِما نَسيتُ وَلا تُرهِقني مِن أَمري عُسرًا ۝ فَانطَلَقا حَتّى إِذا لَقِيا غُلامًا فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلتَ نَفسًا زَكِيَّةً بِغَيرِ نَفسٍ لَقَد جِئتَ شَيئًا نُكرًا ۝ قالَ أَلَم أَقُل لَكَ إِنَّكَ لَن تَستَطيعَ مَعِيَ صَبرًا ۝ قالَ إِن سَأَلتُكَ عَن شَيءٍ بَعدَها فَلا تُصاحِبني قَد بَلَغتَ مِن لَدُنّي عُذرًا ۝ فَانطَلَقا حَتّى إِذا أَتَيا أَهلَ قَريَةٍ استَطعَما أَهلَها فَأَبَوا أَن يُضَيِّفوهُما فَوَجَدا فيها جِدارًا يُريدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَو شِئتَ لَاتَّخَذتَ عَلَيهِ أَجرًا ۝ قالَ هذا فِراقُ بَيني وَبَينِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأويلِ ما لَم تَستَطِع عَلَيهِ صَبرًا ۝ أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ فَأَرَدتُ أَن أَعيبَها وَكانَ وَراءَهُم مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ غَصبًا ۝ وَأَمَّا الغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤمِنَينِ فَخَشينا أَن يُرهِقَهُما طُغيانًا وَكُفرًا ۝ فَأَرَدنا أَن يُبدِلَهُما رَبُّهُما خَيرًا مِنهُ زَكاةً وَأَقرَبَ رُحمًا ۝ وَأَمَّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتيمَينِ فِي المَدينَةِ وَكانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما وَكانَ أَبوهُما صالِحًا فَأَرادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغا أَشُدَّهُما وَيَستَخرِجا كَنزَهُما رَحمَةً مِن رَبِّكَ وَما فَعَلتُهُ عَن أَمري ذلِكَ تَأويلُ ما لَم تَسطِع عَلَيهِ صَبرًا﴾ [الكهف: ٦١-٨٢]

تقوم القصة على تقديم المواقف التي تتضمن لغزًا لا يفهمه إلا المتعلم ولا يقتنع به القليل من الناس، وهي مواقف تحفز المتعلم على معرفة عللها وأسبابها ومغزاها، وتثير شوقه إلى فهم تلك الأحداث التي يواجهها مع أستاذه.

روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أبي كعب رضي الله عنه عن الرسول ، أن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل مذكرًا لهم بأيام الله، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدًا بمجمع البحرين -أي في عدن- هو أعلم منك، قال موسى: يا رب، فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتًا، فتجعله في مِكْتل، فحيث فقدت الحوت ثمَّ. فانطلق مع فتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا صخرة ناما، فعاد الحوت حيا، وسقط في البحر متخذًا سربًا، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء، وفي اليوم التالي تابع موسى مع فتاه المسير، حتى إذا تعبا قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا أي تعبًا. ولما همَّ الفتى بتقديم الغداء تذكر ما كان من أمر الحوت، وأنه تسرب إلى الماء، وكان البحر للحوت سربًا ولموسى وفتاه عجبًا، فعادا إلى مكان الصخرة، فوجدا رجلًا مغطى بثوب، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام، ثم قال: أنا موسى بني إسرائيل، أتيتك لتعلمني ما علمت رشدّا، قال: إنك لن تستطيع معي صبرًا، يا موسى، إني على علم من علم الله علمنيه، لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه.

فأظهر موسى استعداده لالتزام الصبر والطاعة، وشرط عليه الخضر ألا يسأله عن شيء حتى يخبره به، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة فحملوها بغير أجر، لمعرفتهم الخضر.

ففوجئ موسى بخلع الخضر لوحًا من السفينة بالقَدُّوم، فاعترض موسى بأنه عرَّض السفينة للغرق، فذكَّره الخضر بالعهد، فاعتذر موسى بالنسيان. وجاء عصفور على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.

ثم خرجا من السفينة ومشيا على الساحل، فأبصر الخضر غلامًا يلعب مع الغلمان فقتله الخضر، فأنكر عليه موسى إنكارًا شديدًا أشد مما سبق لقتله نفسًا زكية بغير نفس، فذكَّره الخضر بالعهد، فاعتذر موسى وطلب ترك الصحبة إن خالف مرة أخرى، ثم انطلقا وأتيا أهل قرية، فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا جدارًا آيلًا إلى السقوط، فأقامه الخضر، فقال له موسى: لو طلبت أجرًا على عملك، ففارقه، ثم أخبره عن أسباب الحوادث الثلاث:

أما تعييب السفينة فكان إنقاذًا لها من غضب ملك ظالم يغتصب كل سفينة صالحة جيدة، فهذا عمل إن كان ظاهره الفساد ففي حقيقته رحمة.

وأما قتل الغلام فكان حفظًا لدين أبويه من طغيانه وانحرافه وكفره، خشية الميل إليه بدافع حب البنوة، وذلك ليعوضهما الله خيرًا منه زكاة ورحمًا.

وأما الجدار فكانت إعادة بنائه محافظة على كنز تحته ليتيمين صغيرين من أصل كريم وأب صالح، فإذا بلغا رشدهما استخرجا كنزهما وكان لهما حلالًا طيبًا.

وأعلن الخضر أنه ما فعل هذه الحوادث بعلمه ولا برأيه، ولكن بإلهام الله وهدايته، وذلك تأويل ما لم يستطع موسى الصبر عليه.

والدروس المستفادة من هذه القصة كثيرة فقد كان

    لقصة موسى والخضر عليهما السلام صلة وثيقة بالقيم الصحيحة التي اشتملت عليها سورة الكهف، وبالموازين المختلفة كما تضمنت كشفًا للقيم الزائفة التي تبناها المنحرفون والمفسدون، فكل قصة احتوت عليها هذه السورة كانت نورًا يضيء الطريق، ويميز بين الحق والباطل، ولعل هذا يوضح لنا جانبًا من سر قول الرسول : «من قرأ عشر آيات من الكهف عصم من فتنة الدجال» (صحيح مسلم 1/555).

    إن قصة موسى والخضر كغيرها من القصص القرآنية حقيقة واقعة بكل أحداثها وما تم من حوار بين موسى والعبد الصالح، وتصميم موسى على طاعته وأخذ العلم عنه -رغم تحذير العبد الصالح له من عدم صبره- يقدم صورة فريدة من صور الحوار بين المعلم وطالب العلم ﴿قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَل أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمتَ رُشدا . قَالَ إِنَّكَ لَن تَستَطِيعَ مَعِيَ صَبرا﴾ (سورة الكهف، الآيتان 66-67). فنحن نرى التأدب في طلب العلم، والتلطف في التعبير. إن طلب العلم مع الأدب يكون مثمرًا ونافعًا، وطلب العلم بدون أدب لا يجدي بل يكون ضررًا على صاحبه وعلى الآخرين، وهو من ناحية أخرى يكشف عن ضرورة تواضع المتعلم لمعلمه، سواء أكان المتعلم عالمًا نبيًّا أم كان في مرحلة تحصيل العلم. إن بعض طلبة العلم لا يدركون ذلك، فإذا قرأ الواحد منهم مسألة أو مسألتين، وحفظ حديثَا أو حديثين ظن نفسه عالمًا مجتهدًا، يجب أن يشار إليه بالبنان فيتعالم على العلماء، ويظهر على حسابهم، فيعمل على ذمهم وانتقاصهم.

    إن الهدف من طلب العلم والتعلم تحصيل الرُشد، فالعلم النافع هو الذي ينتج الرشد، ويقود إلى العمل وحسن التصرف، فضلًا عما تكتسبه النفوس من آداب وأخلاق.

    وتتضمن القصة بُعدًا تربويًا تعليميًا، إذ الأنبياء يمثلون العبودية الحقيقية لله تعالى، وهم الأسوة لغيرهم من البشر ﴿لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ (سورة النساء، الآية 172). 

    ومعرفة الخضر لطبيعة موسى عليه السلام، وهي ما عليه النفس الإنسانية إذ فطرها الله على حب الاستطلاع، ومعرفة ما يجري من أحداث ووقائع، وهذا ما نراه في استفسار موسى عن صنيع الخضر، فإذا ما رأى أشياء لا يفهمها، يسرع إلى الإنكار والاعتراض، أو على الأقل يطلب التوضيح والبيان.

    وكان انفعال موسى لقتل الغلام أقوى من خرق السفينة؛ لأن الخرق فيه احتمال النجاة، أما في الغلام فقد تم القتل بالفعل، على الرغم من أنه قتل غلامًا من قبل، لأن القتل هناك كان له ما يبرره، أما هنا فهو غير مقترن بعلة ظاهرة.

    إن الإنسان مهما أوتي من العلم، فعليه أن يطلب المزيد، وأن لا يعجب بعلمه، فالله تعالى يقول: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ، وطلب من نبيه أن يتضرع إليه بطلب الزيادة في العلم فقال: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (سورة طه، آية 114).

    إن الرحلة في طلب العلم من صفات العقلاء فموسى عليه السلام وهو من أولي العزم من الرسل، تجشم المشاق والمتاعب لكي يلتقي بالرجل الصالح، لينتفع بعلمه، وصمم على ذلك مهما كانت العقبات بدليل قوله تعالى: ﴿لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾.

    إن العلم على قسمين: علم مكتسب يدركه الإنسان باجتهاده وتحصيله، بعد عون الله تعالى له، وعلم لدنِّي يهبه الله سبحانه لمن يشاء من عباده فقد قال تعالى في شأن الخضر ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ أي علمًا خاصًّا أطلعه الله عليه.

    على المتعلم أن يخفض جناحه للمعلم، وأن يخاطبه بأرقى العبارات وألطفها حتى يحصل على ما عنده من علم بسرور وارتياح.

    ولا بأس على العالم، إذا اعتذر للمتعلم عن تعليمه؛ لأن المتعلم لا يطيق ذلك لجهله بالأسباب التي حملت العالم على فعل تلك الأمور التي ظاهرها يخالف الحق والعدل والمنطق العقلي، وأن معرفة الأسباب تعين على الصبر.

    والتأني في الأحكام والتثبت من الأمور، ومحاولة معرفة العلل والأسباب، كل ذلك يؤدي إلى صحة الحكم، وإلى سلامة القول والعمل. وصدق رسول الله حيث يقول: «يرحم الله موسى لوددت أنه كان صبر حتى يقص علينا من أخبارهما» (رواه مسلم 2/1852).

    إن من دأب العقلاء الصالحين، استعمال الأدب مع الله تعالى في التعبير، فالخضر قد أضاف خرق السفينة إلى نفسه فقال: ﴿فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ وأضاف الخير الذي فعله من أجل الغلامين اليتيمين إلى الله فقال: ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾.

    إن صلاح الآباء ينفع الأبناء، بدليل قوله تعالى ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾. قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته وتشمل بركة عبادته ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم، ورفع درجاتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم. (تفسير ابن كثير 3/106).

    إن على الصاحب أن لا يفارق صاحبه حتى يبين له الأسباب التي حملته على ذلك، فأنت ترى أن الخضر قد قال لموسى: ﴿قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾.

ويفهم من ذلك أن موافقة الصاحب لصاحبه في غير معصية الله- على رأس الأسباب التي تعين على دوام الصحبة، وتقويتها، كما أن عدم الموافقة، وكثرة المخالفة تؤدي إلى المقاطعة.

كما يفهم من ذلك أيضًا أن المناقشة والمحاورة متى كان الغرض منها الوصول إلى الحق وإلى العلم وكانت بأسلوب مهذب وبنيّة طيبة، لا تؤثر في دوام المحبة والصداقة، بل تزيدهما قوة وشدة.

وفقنا الله جميعًا للتأسي بأدب القرآن، ونسأله أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا. إنه سميع مجيب.

والله ولي التوفيق.

 

لمزيد من الوقوف على الموضوع، ينظر في:

    تفسير ابن كثير.

    دراسات من التفسير الموضوعي أ.د. سليمان بن صالح القرعاوي.

    دراسة ناقدة لأساليب التربية المعاصرة في ضوء الإسلام لفتحية الحلواني.

    صحيح البخاري.

    صحيح مسلم.

    فلسفة التربية الإسلامية، لعلي أبو العينين.

    مع قصص السابقين في القرآن، لصلاح الخالدي.

Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
udemy free download
download xiomi firmware
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy course