اتصل بنا
في توجيه الشباب
29/07/2021

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين، جعل هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب الناس ملك الناس إله الناس، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب مناهيه وشكر نعمه، وخذوا على أيدي شبابكم ووجهوهم الوجهة الصالحة، فإن الله استرعاكم عليهم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».

عباد الله: إن الشباب هم عماد الأمة، وهم جيل المستقبل، منهم يكون بناء الأمة، فمنهم ينشأ العلماء والموجهون، ومنهم ينشأ الجنود المجاهدون، ومنهم ينشأ الصناع والمحترفون، إذا صلحوا قرت بهم أعين آبائهم في الحياة، وجرى نفعهم عليهم بعد الممات، ولحقوا بهم إذا دخلوا الجنات، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾، ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾، ومن ثم اتجهت عناية الأنبياء عليهم السلام نحو ذريتهم قبل وجودهم، فها هو إبراهيم الخليل عليه السلام يدعو إلى الله فيقول: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾، وها هو زكريا عليه السلام يقول: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾، والصالح من عباد الله يقول: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي.

كان السلف الصالح يُعنون بأبنائهم منذ نعومة أظفارهم، يعلمونهم وينشئونهم على الخير ويبعدونهم عن الشر، ويختارون لهم المعلمين الصالحين والمربين الحكماء والأتقياء، والنبي صلى الله عليه وسلم يأمر الآباء أن يبدؤوا مع أولادهم التربية الدينية والخلقية من سن التمييز، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع».

عباد الله: إن شباب الأمة إذا فسدوا انهدم بناء الأمة، وتسلط عليهم أعداؤها، وبالتالي تزول عن الوجود، وإن مما يدمي القلوب ويبكي العيون، ما نشاهد عليه كثيرًا من شباب المسلمين من تمرد على آبائهم، وانحراف في أخلاقهم وفساد في دينهم، يتجمعون في الشوارع من بعد العصر إلى آخر الليل بسيارتهم، يعبثون بها فيضايقون المارة ويزعجون السكان ويعرضون الناس للخطر، ويتركون الصلوات بل يشوشون على المصلين في المساجد، ويختلط بهم عناصر فاسدة، تأتيهم من هنا وهناك، تروج بينهم تعاطي الدخان والمخدرات وفساد الأخلاق والوقوع في الفواحش. لقد استشرى شرهم وعظم خطرهم وصاروا يهددون من يحاول نصحهم أو ينكر عليهم.

فيا عباد الله: انتبهوا لهذا الخطر العظيم، وقوموا لدفعه والتخلص منه بجد وحزم، وذلك بأن يقوم المسؤولون بمنعه بقوة السلطة والتأديب الرادع، ويقوم الآباء بالأخذ بأيدي أولادهم ومنعهم منه، ويقوم المعلمون في المدارس والأئمة في المساجد بتوجيه الشباب، وبيان أضرار هذه التجمعات المشبوهة، وتحذيرهم من دعاة الفساد وقرناء السوء، ويتعاون أهل الحارات على مطاردة هذه التجمعات وإبعادها عن حارتهم، وعلى الشباب الصالحين أن يُناصِحوا من كان في سنهم؛ لأن قبول الشاب من شاب مثله في السن أقرب من قبوله ممن هو أكبر منه سنًا.

فإنه لا يبعد أن يستغل الأعداء هذه التجمعات لإفساد الشباب المسلمين، لأنهم يعلمون ما تجره من شر، فكم من شاب فسد خلقه وضاع دينه بسببها، وكم من شاب أهلك نفسه وأهلك غيره بسبب عبثه الأهوج بسيارته، وكم من شاب اختل عقله وضاعت رجولته وتحول إلى شبه أنثى، فأصبح عالة على مجتمعه وخسارة على أهله، كل ذلك بسبب التجمعات السيئة والمخالطات المشبوهة.

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم في زمان فتن وأنكم تعيشون بين أعداء، وأن أهل الشر ينشرون شرهم بينكم، بمكر دقيق ودهاء خبيث، واعلموا أن أعظم ذخر لكم، وأنفع ثروة تحصلونها من دنياكم بعد العمل الصالح هو أولادكم، في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له».

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الأولاد أمانة في أعناقكم فاتقوا الله فيهم وفي أمانتهم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ . وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله منعم على عباده بنعمة الإسلام، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

إن أولادكم هم الذين يقومون عليكم عند كبركم وعجزكم، وهم الذين يخلفونكم في المحافظة على محارمكم، إنهم أنفع لكم من الأموال، فكيف تضيعونهم ولا تهتمون بشأنهم؟ إن الإنسان ليأسف ويعظم خجله، عندما يرى الكفار يعنون بتربية أولادهم التربية المادية الدنيوية، فلا يتركونهم يسيبون في الشوارع ولا يدعون لهم فراغًا أبدًا، بل ينظمون لهم حياتهم تنظيمًا دقيقًا.

أما كثير من المسلمين فلا يهمه من شأن ولده إلا أن يسميه عند الولادة، ويوفر له الطعام والشراب والكسوة والسكن، ولا يدري عما وراء ذلك، بل إن البعض يوفر لأولاده أسباب الفساد، فيملأ جيوبهم بالنقود ويشتري لهم السيارات الفخمة، ويملأ لهم البيت بآلات اللهو والأفلام الخليعة، فلا تسأل بعد ذلك عما ينشأ عليه الأولاد، الذين وفرت لهم هذه الوسائل من فساد خلقي وانحراف فكري، ولا تسأل عما يلحق آباءهم من آثام أو ما يصيبهم من حسرة، عندما يواجههم أولادهم بالعقوق، وعندما يُحرمون من نفعهم عندما يدركهم الكبر ويحتاجون إليهم، فإن الجزاء من جنس  العمل.

وقد أوصى الله الأولاد أن يردوا على الآباء جميلهم عند عجزهم وكبرهم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ فأمر الله الولد أن يتذكر إحسان الوالدين إليه في حالة ضعفه وصغره، ليقابل ذلك الإحسان إليهما في حال ضعفهما وعجزهما، فكيف إذا كان الولد لا يتذكر من والديه إلا الإضاعة والإساءة والتوجيه الفاسد؟ ماذا يعمل تجاه ذلك؟

 

اللهم أصلح شبابنا وفتياتنا، واجعلهم بارين بوالديهم قائمين بحقوقهم صالحين مصلحين، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم وفقنا لما تحب وترضى، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل الدين، اللهم عليك بأعداء الدين من المعتدين الضالين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة  أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم من أرادنا أو أراد أي بلد إسلامي بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميرًا عليه، اللهم إنا نبرأ إليك مما فعله السفهاء والظالمون، في شرقك وغربك وشمالك وجنوبك، اللهم أحسن خاتمتنا في الأمور كلها، اللهم اختم لنا بخير واجعل مآلنا جناتك جنات النعيم.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

وقوموا إلى صلاتكم يغفر الله لنا ولكم.

 

 

Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
online free course
download mobile firmware
Free Download WordPress Themes
udemy course download free