اتصل بنا
مدرسة الصيام
28/09/2007

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله وحده، هدانا لهذا الدين وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.

عباد الله: روى الدارمي في سننه وإسناده حسن عن أبي عبيدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الصوم جنة ما لم يخرقها»، قال: الدارمي: يعني بالغيبة، فمن لم يصن صومه عن محارم الله عز وجل فإن صومه ناقص؛ بل وقد فاته تحقيق الحكمة من مشروعيته، والأمر أجلى من ذلك لقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

أيها الإخوة: إن كثيرًا من الناس لا يفهمون حقيقة الصيام ولا يتصورون منه إلا الإمساك عن المفطرات المادية، لذلك لا تختلف أحوالهم في شهر الصيام عن أحوالهم في غيره، بل ربما زادهم الصوم ضيقًا في الصدر ونزقًا وطيشًا وسُرعة غضب، ويعتذرون عن ذلك بقولهم: طبيعة صِيام.

والسبب في أحوال هؤلاء أنهم يصومون صومًا شكليًا، وصوم عادة لا صوم عبادة، ولو أنهم كانوا قد فهموا حقيقة الصيام وصاموا إيمانًا واحتسابًا من قلوبهم لكان للصيام أثره التهذيبي الكبير في نفوسهم وأخلاقهم ومعاملاتهم وسائر صور سلوكهم.

باستطاعتنا أن نقول: إن من خصائص رمضان والصيام فيه نوعًا من تربية الإرادة وهو النوع لا يوجد في غير مدرسة رمضان، والسبب في ذلك أنه يُربِّي في المؤمن الصائم خُلق مراقبة نفسه بنفسه، وصدق تعامله مع ربه، ولو خلا لنفسه ولو لم يشاهده أحدٌ من الناس.

إن شهر الصيام مدرسةٌ لتربية الإرادة على الطاعة ضد أقوى دوافع الإنسان وغرائزه، فالصائم في رمضان يترك منه طعامه وشرابه وشهوته طاعة للأمر الرباني، وهذا النوع من التربية لا يتحقق في صيام النفل.

فالصيام الصحيح وفق الآداب الإسلامية له مزيتان: مزية جسدية، ومزية نفسية وقلبية.

أما المزية الجسدية فهي ما يتضمن من رياضة جسدية خاصة وما يفضي إليه من صحة.

وأما المزية النفسية والقلبية فهي ما يتضمنه الصوم من السير بالنفس والقلب إلى معارج السمو الموصل إلى الله عز وجل، وذلك بالصدق في طاعته والإخلاص له إلى غير ذلك من فضائل.

أحبتي في الله: قال أبو سليمان الداراني: “إن النفس إذا جاعت وعطشت صفا القلب ورق، وإذا شبعت ورويت عمي”.

وعلى هذا فيتأكد على من يريد أن يتم صومه ويكمل أجره ويظفر بوقار الصوم أن يُعنى جدًا بالتعرف على مقاصد الصيام وغاياته، وأن يحذر من الغفلة عنها، وألا يكون عامة تعبّده ناشئًا عن التقليد للواقع والمسايرة للمجتمع، فإنه مفتاح نقصٍ وبوابة خطر، يقول الشيخ الدوسري: “فإن لم يكن البشر واعين لحكمة التشريع الإلهي وثمراته في الدنيا قبل الآخرة، فإنهم لن يطيقوه على تمامه أو على الوجه الصحيح”، كما يتأكد عليه أن يعنى بالقيام بالواجبات واجتناب المحرمات من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وأن يهتم بإعظام إخلاصه وتمتين متابعته للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكثر من القرب والتمثل العملي بالآداب الشرعية الواجب منها والمستحب، يقول جابر رضي الله عنه: “إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء” وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: “الغيبة تخرق الصوم والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن يجيء غدًا بصومه مرقعًا فليفعل”.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله واهب النعم، أنعم علينا بصيام شهر رمضان، أحمده حمد الشاكرين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه، وبعد:

عباد الله: إن من تأمل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التربية وجد أنه يقوم على أساس رعاية أعمال القلوب، وعدّها أساس التعبد ومن ثم تكميلها بأعمال الجوارح، وهذا لا يتأتى إلا بإصلاح الباطن وإعطائه العناية التي يستحقها مقدارًا وأهمية، كما قال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».

ورمضان برحمات الله وهباته الواسعة فيه فرصة للتغيير في هذا الجانب، سواء أكان ذلك نابعًا من بُعد ذاتي على مستوى الأفراد أم نابعًا من بُعد خارجي من خلال المبادرات الفردية أو الجهد الجماعي عبر مؤسسات التوجيه الخيري المبثوثة في الأمة.

ولعل من أبرز ما يناقض تلك العناية النبوية العظمى بتحقيق مقاصد الصيام في هذا الشهر المبارك ما نراه في مجتمعاتنا من تضييع أناس للصلوات الخمس في أوقاتها بحجة الصيام، بل إن من الصُوام من لا يصلي، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والصلاة قرينة الصيام والزكاة، بل أفضل منهما، والمتهاون بها على خطر عظيم لقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»، وقوله: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر»، والتي علق فيها النبي صلى الله عليه وسلم الولوج في الكفر بترك الصلاة لا بجحودها.

أسأل الله تعالى أن يبصرنا بدينه ويرزقنا متابعة خير المرسلين، علمًا وعملاً ظاهرًا وباطنًا.

اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إليك، اللهم تقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، واجعل مآلنا جناتك جنات النعيم، اللهم إن هؤلاء عبادك يسألونك مسألة الفقير المسكين، اللهم اعتق رقابهم من النار، اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته ولا همًا إلا فرجته ولا مريضًا إلا شفيته ولا مبتلى إلا عافيته ولا ميتًا إلا رحمته، اللهم انصر عبادك الموحدين، اللهم لُـمَّ شعث إخواننا المسلمين من فلسطين، واجعل كلمتهم واحدة ضد اليهود المغتصبين، اللهم سلم إخواننا المسلمين في العراق واحقن دماءهم واجعل بلدهم آمنًا مطمئنًا، اللهم انصر إخواننا في كل مكان، يا أرحم الراحمين، اللهم وفق ولاتنا بتوفيقك واهدهم سبل الرشاد وارزقهم البطانة الصالحة، اللهم اجعل بلادنا وسائر بلاد المسلمين آمنة مطمئنة وجنبنا الفتن والمحن وسائر البلايا يا أرحم الراحمين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم اغفر لنا أجمعين وهب المسيئين منا للمحسنين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
free download udemy paid course
download xiomi firmware
Free Download WordPress Themes
free download udemy paid course