اتصل بنا
“وأنّ هذا صراطي مستقيمًا”
09/04/2005

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله واهب النعم، عدل في العطاء والقضاء، القائل في محكم كتابه: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾ اللهم اهدنا إلى سواء الصراط، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدا لله ورسوله، نبي الرحمة والهدى، القائل: «إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومًا، فقال: يا قوم، إني رأيت الجيش بعينَّي وإني أنا النذير العريان، فالنَّجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فَنَجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذَّب بما جئت به من الحق» رواه البخاري في صحيحه، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى الآل والصحب التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

عباد الله: من المسلَّم به أن هناك قواعد وثوابت يؤمن بها المرء المسلم، ولا يحيد عنها كالصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج، وكالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، وذلك للنصوص الثابتة الصريحة، وغير ذلك من الأمور القطعية الثبوت والدلالة، من الإيمان بأن الله واحد أحد فرد صمد وأن الجنة والنار حق، وأن الإنسان يموت ويبعث فيحاسب ومآله، إما إلى الجنة أو النار، ولكن نلحظ في هذا الزمن كثرة الهرج والمرج، واختلاط الصحيح بالسقيم، فنجد الخلاف يشتد في حكم وضع اليد اليمنى فوق اليسرى على الصدر أو البطن حال القيام إلى الصلاة أو رفع اليدين حذو المنكبين أو الأذنين عند التكبير للصلاة، ومثل ذلك الخلاف حول مسائل فقهية لا تعدو أن تكون أمثلةً للسنن والمستحبات التي لا يقع عليها محظور، بينما نرى التساهل في أداء الصلاة على وقتها عند بعض المسلمين كالذي نجده في التجمعات الشبابية أو الحفلات، والأعراس أو في صالونات التجميل والمشاغل النسائية حيث نلحظ عند بعض النساء المسلمات مع الأسف الشديد أنها تبقى الساعات الطوال تحت الأضواء والمساحيق خشية أن يمسَّها الماء، فتأتي عليها أوقات الصلاة المفروضة، ولم تقم بأدائها لا فرضًا ولا قضاءً، كل ذلك مخافة أن تزول تلك المزوقات، ولا يعلم الجميع ممن فرطوا في هذه الفريضة أن هذا تفريط في فريضة من فرائض الإسلام أوجبها الله على عباده المؤمنين، كيف بالله عليكم نظفر بالنصر والفرج من الله، ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه قد أوصى وهو في سكرات الموت بالصلاة، فقال: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» رواه مسلم.

وأيضًا ما نلحظه عند بعض الأطباء من المسلمين الحرص والدقة والأمانة في تطبيق الأحكام الطبية بحذافيرها على المرضى، ولكن نجد التساهل في الكشف على المرأة بدون محرم وكذلك الخلوة مع الأجنبية سواء أكانت ممرضة أو مريضة وهكذا، كما يعلم الجميع يتنافى والأحاديث الصريحة التي تنص على عدم جواز الخلوة: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما».

أيها الإخوة: لا نريد أن تطغى علينا روح الانهزامية فنستكين ونذل ونكون كالنعامة، إننا يا عباد الله رجال أعزنا الله بالإسلام، وإذا ابتغينا العزة عن غيره أذلنا الله. انظروا إلى الصفحات المشرقة من التاريخ الإسلامي، وما كان عليه سلفنا الصالح أمثال صلاح الدين الأيوبي الذي انتصر على الصليبين بعد زهاء أربعين عامًا أتدرون لماذا؟ لقد قام هذا القائد المظفر يعدّ العدة للقاء خلال ثلاثين عامًا يغرس في نفوس الجنود روح الإيمان ويرسي فيها العقيدة الصالحة ثم بعدها أخذ يدرب الجيش خلال عشر سنوات على فنون القتال، فكان النصر حليفه.

نعم يا عباد الله، لن تنعم الأمة بالنصر، ولن تذق حلاوته إن استمر الحال كما هو عليه الآن من الركون إلى الراحة والسكينة.

أيها الأحبة في الله: الكل منا ينشد السعادة والفوز بالجنة، وهذا لا يتأتى إلا بتطبيق أحكام الله من أوامر ونواهٍ، فأين نحن الآن من تطبيق الواجبات فضلًا عن السنن والمستحبات.

لقد أثنى الله على عباده المتقين ووصفهم بأوصاف هي خاصة بهم، وجاءت هذه الأوصاف في أواخر سورة الفرقان حين امتدح الله عباده المتقين فقال سبحانه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

عباد الله: إن من رحمة الله بعباده أن أرشدهم إلى الطريق الحق، الطريق الذي لا عوج فيه، فكانت هذه الأوصاف للعباد المتقين الذين وصفهم الله بأنهم عباد صالحون لا يعبؤون بما يقوله المغرضون والحاقدون من الأعداء وغيرهم عن الإسلام وعن تطبيقهم لشرع الله، بأنهم عباد إرهابيون أو متطرفون؛ لذلك فإنهم يقولون سلامًا لكل ما يقوله هؤلاء من عبارات، كذلك فإن هؤلاء العباد يقومون الليل ما شاء الله: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ ساجدين خاضعين متذللين يرجون رحمة الله ويخافون عذابه: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾، وأنهم يخافون عذاب ربهم، وأن عذابه شديد أليم، كما أنهم مقتصدون في الإنفاق، كما قال سبحانه: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾، ثم يبين سبحانه عن هؤلاء الموصفين بأنهم عباد متقون، أنهم لا يشركون مع الله إلهًا آخر، بل يخلصون في العبادة له فلا رياء ولا نفاق ولا سمعه، بل عبادة خالصة ولا يقتلون النفس المعصومة إلا بحقها ولا يقترفون فاحشة فكل فعل ذلك يعد آثامًا ومعصية، جزاؤه جهنم وبئس المصير، كما أن من أوصاف هؤلاء العباد أنهم لا يشهدون الأيمان الكاذبة ولا يشهدون شهادة الزور والفجور ولا يرتشون، إذ لا محسوبية عندهم ولا وجاهة في إسقاط حق آدمي، بل يعطون كل ذي حق حقه من العدل والإنصاف ويذكرون الله في كل أوقاتهم، لا يفترون ولا يملون، ويدعون الله أن يهبهم الذرية الصالحة التي تعينهم على الخير، ثم تكون المحصلة لهؤلاء العباد المتقين أن الله يجزيهم الجنان الوافرة الظلال مع السلام والتحية من الله سبحانه وتعالى.

اللهم اجعلنا من عبادك المتقين الأبرار، ثم يا عباد الله يبين سبحانه أنه ليس بحاجتنا، فهو مستغنٍ عنا، فلولا تضرعنا ودعاؤنا لما نظر إلينا وتاب علينا، ولكن رحمته وسعت كل شيء: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾، وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «الدعاء مخ العبادة».

ولهذا يقول سبحانه: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾.

أدعو الله خالصًا أن يجعلني وإياكم من عباده المتقين الأبرار، وأن يجنبنا الفواحش والآثام، وكل ما يغضب وجهه الكريم إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين في كل بلد يذكر فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله، اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل الدائرة عليه، وشتت شمله، اللهم أعز هذا الدين وقوِّ شوكته واخذل كل من هاجمه أو نال منه بقول أو عمل.

اللهم وفق ولاتنا وولاة المسلمين إلى كل ما فيه خير ونفع وصلاح للإسلام والمسلمين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، واغفر لنا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والربا والزنا والزلال والمحن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على آلائه يزدكم ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، قوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy paid course free download
download huawei firmware
Download Nulled WordPress Themes
ZG93bmxvYWQgbHluZGEgY291cnNlIGZyZWU=