اتصل بنا
الوجوه والنظائر في القرآن الكريم
06/11/2021

*قدّمت هذه المادة في إذاعة القرآن الكريم.   

الحلقة الأولى 

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هذا البرنامج يتكلم عن الوجوه والنظائر التي جاءت في القرآن الكريم -خاتم الكتب السماوية- الذي جاء ومن بين أهدافه تربية الإنسان خليفة الله في الأرض يربيه قلبًا وروحًا، يربيه جسدًا وعقلًا، ويرتفع به من ترابية الأرض إلى شفافية السماء. آخذًا بيده حتى يحيله في النهاية -صورة حية من تصورات القرآن الكريم للإنسان الكامل.

وما كاد هذا الكتاب تعيه قلوب الجيل الأول من صحابة الرسول حتى صنع منهم سادة وقادة انداحوا في أربعة أركان الأرض، عندها مدنوا الدنيا، وهذبوا العالم، وقرروا الحق والعدل للناس جميعًا.

ونحن في هذا البرنامج نقدم صورة من صور هذا الكتاب والذي لم تعرف البشرية مثيلًا له قبل نزوله وأنه الصالح لكل عصر ومصر حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وإذا كان علماء المسلمين الأول لهم اليد الطولى في تفسير هذا الكتاب وتأويل ما فيه، وإبراز قواعد التشريع والتقنين وهذا المنهج الكامل لإسعاد البشرية، فإن علم الوجوه والنظائر- جاء ومن بين أهدافه إبراز المعاني المكنونة في الكلمة الواحدة إذا ما تعددت أماكن نزولها ووضعها بين دفة الكتاب.

ومن هنا برز الإعجاز الحقيقي لهذا الكتاب لا في ألفاظه ولا في عباراته ولا في بلاغته فقط ولكن لهذه الثروة العارمة لكل المعاني المستترة تحت ما يسمى بالوجوه والنظائر، والتي أثبتت أن هذا الكتاب صالح للدنيا بأسرها، وكل جيل من الأجيال يجد فيه ضالته، ومنهجًا لسلوكه، وحلولًا لمشاكله، وقوة لصد أعدائه -وتربية ربانية لأبنائه- وقوة دافعة لإبراز ما في الأرض من كنوز، وما في أعماق البحر من ثروات، وما تحوي الكواكب من علوم ومعارف لم يكشف العلم الحديث النقاب عنها بعد.

نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لإبراز ما في هذا الكتاب من قوة دافقة لخليفة الله في الأرض تجعله قادرًا على تحقيق وعد الله الذي وعده له من الامتلاك والاختراع والتصرف.

عندها يأتي أمر الله بزوال هذه الدنيا وإقامة الحياة الأبدية التي لا تزول.

قال تعالى:

﴿حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ

فهل نحن فاعلون..؟ 

نرجو من الله العلي القدير التوفيق والسداد.

 

 

الوجه الأول

خصائص التقوى في منهج القرآن الكريم

 

التقوى: مشتقة من الوقاية: هي حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره.

وحقيقة التقوى: اجتناب كل ما فيه ضرر لأمر الدين، وهو المعصية والفضول، وقد ورد في القرآن بخمسة وجوه:

الأول: بمعنى الخوف والخشية من الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ (سورة النساء، آية 1).

فالتقوى حساسية في الضمير، وشفافية في الشعور، وخشية مستمرة، وحذر دائم، وتوقّ لأشواك الطريق، طريق الحياة الذي تتجاذبه أشواك الرغائب والشهوات، وأشواك المطامع والمطامح، وأشواك المخاوف والهواجس، وأشواك الرجاء الكاذب فيمن لا يملك إجابة رجاء، والخوف الكاذب ممن لا يملك نفعًا ولا ضرًّا.

قال الإمام القرطبي: سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبيًا عن التقوى، فقال أُبي: هل أخذت طريقًا ذا شوك..؟

قال: نعم.

قال: فما عملت فيه..؟

قال: تشمرت وحذرت.

قال: فذاك التقوى.

وأخذ هذا المعنى ابن المعتز فنظمه:

خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماشٍ فوق أر   ض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة  إن الجبال من الحصى

فالتقوى: جماع الخير كله، وهي وصية الله في الأولين والآخرين، وهي خير ما يستفيده الإنسان.

وروى ابن ماجه في سننه عن أبي أمامه عن النبي أنه كان يقول:

«ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرًا من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله»  (الحديث عن ابن ماجه في كتاب النكاح 5 باب أفضل النساء 1857 حدثنا ابن عمار، ثنا صدقة بن خالد، ثنا عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم، عن أبي أمامة عن النبي أنه كان يقول وذكره).  

 

الثاني: بمعنى الطاعة والعبادة، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ . وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ۚ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ﴾ (سورة النحل، آية 51-52).

والمعنى طاعة الله واجبة أبدًا، قال الله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ﴾ (سورة الصافات، آية 9) أي دائم.

أفغير الله تتقون وهو إله واحد، ومالك واحد، وله ما في السماوات والأرض، ودائن واحد، وله الدين واصبًا منذ وجد الدين، فلا دين إلا دينه، ولا شرع إلا شرعه، ولا نعمة إلا نعمته قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ (سورة النحل، آية 53).

 

الثالث: بمعنى ترك المعصية والزلة.

قال تعالى: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (سورة البقرة، آية 189)

فالبر هو تقوى الله تعالى بالتخلي عن المعاصي والرذائل، وعمل الخير بالتحلي بالفضائل واتباع الحق واجتناب الباطل.

وإتيان البيوت من أبوابها: طلب الأمور كلها من مواضعها: طلب الأمور من الله سبحانه وتعالى الذي يملك المنع والعطاء، والضر والنفع، والحياة والموت.

وليس من البر ولا من التقوى أن تطلب الأمور من غير أبوابها فهؤلاء الذين تلجؤون إليهم لا يملكون نفعًا ولا ضرًا، ولا حياة ولا موتًا، ولا خلقًا ولا عدمًا.

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ (سورة الحج، آية 73).

 

الرابع: بمعنى التوحيد والشهادة.

قال تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ (سورة الأحزاب، آية 70).

يوجه القرآن الكريم المتقين إلى تسديد القول وإحكامه والتدقيق فيه، ومعرفة هدفه واتجاهه قبل أن يتابعوا المنافقين، والمرجفين، وقبل أن يستمعوا إلى قول الطائشين الضالين، أو المغرضين الخبثاء ويوجههم إلى القول الصالح، فالله يرعى المسددين ويقود خطاهم ويصلح أعمالهم، قال تعالى: ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾

يفعل الله تعالى لهم ذلك جزاء التقوى وتسديد العمل الصالح.

والتقوى بذاتها فوز عظيم، لأنها استقامة على نهج الله، استقامة على طريق الله، استقامة على دستور الله، فلا تنبهم أمامهم الطرق، ولا تتشعب بهم المسالك.

وعدم انبهام الطرق أمام عين المتقين، وعدم تشعب المسالك بهم هي السعادة الكاملة في الدنيا والآخرة والتي يطلبها المتقون صباحًا ومساءً بقولهم: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .

 

الخامس: بمعنى الإخلاص والمعرفة، قال تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ﴾.

قال الفراء: امتحن قلوبهم: أي أخلصها للتقوى.

وقال الأخفش: أي اختصها للتقوى.

وقال ابن عباس: طهرهم من كل قبيح، وجعل في قلوبهم التقوى والخوف من الله تعالى.

وقال عمر رضي الله عنه: أذهب عن قلوبهم الشهوات.

فالتقوى إذًا هبة عظيمة من الله تعالى، يختار لها قلوب عباده بعد امتحان واختبار وابتلاء، وبعد تخليص وتمحيص.

فلا يضع الله التقوى في قلب عبد إلا وقد ثبت بعد الامتحان أنه يستحقها.

إنه الترغيب العميق، بعد التحذير المخيف يربي الله تعالى به قلوب عباده المختارين وبعدها يؤهلهم للأمر العظيم الذي نهض به الصدر الأول فكانوا سادة وقادة، مدنوا الدنيا، وهذبوا العالم وقرروا الحق للإنسان.

هذا وبالله التوفيق.

 

الحلقة الثانية

الفضائل التي يفوز بها أهل التقوى 

 

أهل التقوى هم أولياء الله تعالى، الذين استجابوا لما أمرهم به، وتناهوا عما نهاهم عنه، ففازوا بهذه المرتبة، قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾.

فالذي يتحقق فيه شرط الإيمان والتقوى فهو ولي من أولياء الله، وأولياء الله الخلّص:﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾.

وكيف يخاف أولياء الله أو يتطرق الحزن إلى قلوبهم، والله معهم في كل شأن من شؤون حياتهم، وفي كل عمل يقومون به، وفي كل حركة أو سكون يأتون بها أو يتركون.

إن أهل التقوى لهم البشرى من الله تعالى بالعون والنصر، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا﴾.

ولهم البشرى بالعلم والحكم، قال تعالى: ﴿إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا﴾.

إذا اتقى العبد ربه وذلك باتباع ما أمر، واجتناب ما نهى، وملأ قلبه بالنية الخالصة، وعوّد جوارحه على الأعمال الصالحة وصان قلبه من الشرك الخفي، ولم يركن إلى الدنيا، وتعفف عما فيها من مال وزينة. جعل الله له بين الحق والباطل فرقانا.

قال ابن وهب: سألت مالك عن قول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا﴾.

قال: مخرج، ثم قرأ ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾.

إن تقوى الله تجعل في القلب فرقانًا يكشف له متعرجات الطريق، ولكن هذه الحقيقة لا يعرفها إلا من ذاقها فعلًا. إن الوصف لا ينقل مذاق هذه الحقيقة لمن لم يذقها.

إن الأمور تظل متشابكة في الحس والعقل، والطرق تظل متشابكة في النظر والفكر، والباطل يظل متلبّسًا بالحق عند مفارق الطريق، وتظل الحجة تفحم ولكن لا تقنع، وتسكت ولكن لا يستجيب لها القلب والعقل.

 

ويظل الجدل عبثًا، والمناقشة جهدًا ضائعًا وذلك ما لم تكن هناك التقوى فإذا وجدت في قلب الإنسان استنار العقل، ووضح الحق، وتكشف الطريق.

إن الحق في ذاته لا يخفى على القطرة، ولكن الهوى هو الذي يحول بين الحق والفطرة، الهوى هو الذي ينشر الضباب، ويحجب الرؤية، ويعمي المسالك، ويخفي الدروب.

وإذا كان ذلك كذلك، فالهوى لا تدفعه الحجة، وإنما تدفعه التقوى، تدفعه خشية الله ومخافته، تدفعه مراقبة الله في السر والعلن.

تدفعه أن يوجد الفرقان، الفرقان الذي ينير البصيرة، ويرفع اللبس، ويكشف الطريق. والتقوى من قبل هذا ومن بعده، تكفر الذنوب، وتمحي السيئات، قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ (سورة الطلاق، آية رقم 5).

والتقوى: تأتي لصاحبها باليسر والسهولة في الأمور كلها، قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ .

والتقوى تخرج صاحبها من الغم والمحنة، وتوسع له الرزق، وتأتي له بالأمان.

الأمان على نفسه وعقله.

الأمان على ماله وولده.

الأمان على عرضه وشرفه.

الأمان من كل مخاوف الحياة، ووعورة الطريق.

الأمان من قوة الأعداء، وكيد الخصماء، ومكر الأصدقاء.

قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ (سورة الطلاق، آية رقم2-3).

والتقوى: تنجي أصحابها من العذاب والعقوبة في الدار الآخرة.

قال تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ (سورة مريم، آية رقم72).

فالذين اتقوا بمنجاة من عذاب النار، وبمنجاة من لهيب جهنم، وبمنجاة من كل ما يؤلم أو يحزن.

والتقوى ينال صاحبها الفوز في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( سورة الزمر، آية رقم 61).

وقال تعالى: ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا . حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا.  وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا. وَكَأْسًا دِهَاقًا. لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا. جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا﴾ (سورة النبأ، الآيات رقم 31-32-33).

إن هذا الحشد الهائل من نعم الله تعالى أعدها الله للمتقين فهم لهم الفوز، ولهم النجاة، ولهم الخلاص، ولهم الحدائق المليئة بالثمر، الفواحة بالعطر، الطيبة الفاكهة.

ولهم الكواعب الحسان، والكاعب الناهد، وقال الضحاك: الكواعب العذارى.

قال قيس بن عاصم: 

وكم من حصان قد حوينا كريمة

ومن كاعب لم تدر ما البؤس معصرا

ولهم الكأس المليئة باللبن الذي لم يتغير طعمه، والكأس المليئة بالعسل المصفى، والكأس المليئة بالخمر لذة للشاربين.

فكأس دهاق، أي: ممتلئة. قال الشاعر:

أتانا عامر يبغي قرانا

فأترعنا له كأسًا دهاقا

وقال الآخر:

لأنت إلى الفؤاد أحب قربًا

من الصادي إلى كأس دهاق

ومع كل هذا فهم في نعيم، وفي سعادة لا يعكر صفوهم باطل القول، ولا لغو الحديث، ولا يكذب بعضهم على بعض.

قال تعالى: ﴿لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا﴾.

والتقوى توجه صاحبها إلى الخير والتوفيق، والعصمة في حياته كلها.

قال تعالى: ﴿وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ (سورة البقرة، آية رقم 177).

 

ونحن ننظر من خلال هذه الآية إلى تلك الآفاق العلية التي يريد الله أن يرفع الناس إليها بمنهجه الرفيع القويم، ثم ننظر إلى الناس وهم يفرون من هذا المنهج ويتجنبونه، ويرصدون له العداوة، ولكل من يدعوهم إليه، ونقلب أيدينا في أسف ونقول ما قاله الله سبحانه وتعالى ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾.

وأصحاب التقوى هم أحباب الله، قال تعالى ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ (سورة آل عمران، آية رقم 76).

وأصحاب التقوى ينالون الوصال والقربة، قال تعالى ﴿وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ﴾ (سورة الحج، آية رقم 37).

وأصحاب التقوى يتقبل الله منهم أعمالهم، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (سورة المائدة، آية رقم 27).

يتقبل منهم صالح أعمالهم.

يتقبل منهم العمل الطيب.

يتقبل منهم الخير لأنفسهم ولمجتمعهم وللناس أجمعين.

وفي النهاية أصحاب التقوى أقرب الناس إلى ربهم في نعيم مقيم في جنات ونهر، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ (سورة القمر، آية رقم 54-55)

 

هذا وبالله التوفيق.

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
online free course
download karbonn firmware
Download Best WordPress Themes Free Download
lynda course free download