اتصل بنا
الإرهاب
05/02/2005

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله وحده، غافر الذنب قابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

عباد الله: كلمة الإرهاب هي في حقيقتها اعتداء موجه ضد الأبرياء والرجال والنساء والأطفال، أو التهديد بهذا الاعتداء، أو أية وسيلة أخرى من وسائل الإزعاج، وإقلاق راحة الآخرين وسلبهم أمنهم وطمأنينتهم، مرفوض كل الرفض في نظر الإسلام، لا يجوز الإقدام عليه ولا المساهمة فيه ولا التخطيط له، ولا التستر عليه، لا من حكومات ولا من مؤسسات أو جماعات أو أفراد مهما كان اسمها أو صفتها، وهو يعرض الأملاك للتبديد، ويحول دون تقدم العمران، والتنمية اللازمة لتأمين غذاء ومصالح الأفراد والجماعات، وهو جريمة بشعة، والجريمة التي فيها اعتداء مباشر على المجتمع، فإن الإسلام ينظر إلى آثارها، ويعاقب عليها عقابًا يتناسب مع ما تحدثه تلك الجريمة من إفزاع الآمنين وترويعهم.

وهناك افتراءات وأكاذيب عديدة توجهها وسائل الإعلام الغربية إلى الإسلام، والإسلام منها بريء، ومن هذه الأكاذيب والمفتريات: القول بأن الإسلام يدعو إلى العنف والتطرف، ويقاوم دعوة السلام، علمًا بأن الإسلام هو دين السلام.

عباد الله: السلام في الإسلام أعمق من أن يكون مجرد رغبة يدعو إلى تحقيقها في الحياة، إنما هو أصل في عقيدته، وعنصر من عناصر تربيته وهدف يعمق الإحساس به في ضمير الفرد وفي واقع المجتمع وفي بناء الأمة.

والإسلام يعد الأديان السماوية كلها في أساسها دينًا واحدًا، بعث الله به رسله للبشرية، والمؤمنين الذين آمنوا بهذا الدين أمة واحدة في كل زمان ومكان، ويصور النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوحدة بالبناء الواحد، الذي لم يبق إلا موضع لبنة، يقول صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة»  بهذا قطع رسول الهدى صلى الله عليه وسلم دابر معظم الأسباب والدوافع التي تؤدي إلى العداوة والحروب والفتن والعنف وما يسمى بالإرهاب بين البشر.

لقد نبذ الإسلام الحنيف العنف والإرهاب القائم على الإثم والعدوان بجميع أشكاله وألوانه، وحث المسلمين على الابتعاد عن كل ما يدني من العنف والإرهاب واستخدام القوة، بل إن الإسلام حرم الاعتداء على نفس الإنسان بواسطة الإنسان نفسه حيث حرم الانتحار ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.

لقد ذم الإسلام الإرهاب وحذر من أخطاره وحتى لو كان هذا الإرهاب على سبيل المزاح، ففي الحديث الشريف «لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا» وقوله عليه الصلاة والسلام: «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي، وإن كان أخاه لأبيه وأمه» ذلك أن الإسلام حرص كل الحرص في عقيدته وشريعته، على أن تقوم العلاقات الاجتماعية بين الناس على التعاون على البر والتقوى، والابتعاد عن الإثم والعدوان.

أيها الإخوة: لقد أكد الإسلام حرمة الدم البشري، فحرم سفكه إلا بالحق، لا فرق بين إنسان وإنسان، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّوعظم من حرمة النفس البشرية، ومن وزر الاعتداء عليها، فاعتبر النفوس كلها واحدة، من اعتدى على إحداها فكأنما اعتدى عليها جميعًا، لأنه اعتدى على حق الحياة، ومن قدم لإحداها خير فكأنما قدم الخير للإنسانية بأسرها، قال تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا

أيها الإخوة: إن ما يقوم به الإرهابيون من عمليات إرهابية، حذر النبي صلى الله عليه وسلم منهم ومن أشباههم فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم»، قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟، قال: «نعم وفيه دخن»، قلت: وما دخنه؟، قال: «قوم يهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر»، قلت: فهل بعد هذا الخير من شر؟، قال: «نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها»، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، فقال: «هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا»، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم». الحديث.

إن ما يفعله الإرهابيين من تفجيرات وقتل الأبرياء واستحلال الدماء، قد انقلبت لديهم الموازين وانتكست فطرهم، فأصبح الحق عندهم باطلًا والباطل حقًا، فهم يقرؤون القرآن ويعرفون شيئًا من الأحاديث، ولكنهم لا يعرفون تفسيرها ولا معناها ولا فقهها، بل يعرفون ظاهر الآية والحديث، وهم غالبًا يرددون قول الله في المشركين: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ويرددون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب».

عملوا بظاهر الآية والحديث فقط، فوقعوا بما وقعوا فيه من التكفير والإجرام وزعزعة الأمن وقتل الأبرياء، ولذلك تجدهم استحلوا الدماء المعصومة من المسلمين والمعاهدين والمستأمنين، فبسبب هذه المفاهيم والتأويلات الخاطئة لنص آيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وقعت هذه الفئة بالتكفير، والتكفير حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله، فكذلك التكفير، ولا يجوز لأحد أن يكفر أحدًا إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة، فلا يكفي مجرد الظن والشبهة لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة، ولذا حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر فقال: «أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت إليه» رواه البخاري ومسلم، كذلك القيام باستباحة دماء المسلمين والمعاهدين والمستأمنين بدون وجه حق، أما دماء المسلمين فهي معصومة إلا بحقها، كذلك دماء المعاهدين والمستأمنين قد تكفّل لهم الإسلام بالأمن على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ومن اعتدى عليهم فقد خان الإسلام واستحق العقوبة الرادعة والعدل واجب مع المسلمين ومع الكفار.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، شرح صدور أوليائه للإيمان والهدى، وطبع على قلوب أقوام فلا تعي الحق أبداً، من يهدِ الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون: إن الإسلام بريء من كل دم يسفك باسمه ظلمًا، وإن الله -عز وجل- بريء من كل نفس تُقتل ظلمًا مهما عدَّها القاتل في سبيله، إن الإسلام بريء من كل ترويع للآمنين واعتداء على المسلمين الموحدين، إن الإسلام بريء من كل فكر خارجي يكفِّر المسلمين ويستحل دماءهم، والإسلام كذلك بريء من كل ما يرتكب باسمه من مخالفات واعتداءات، والإسلام بريء من الإرهاب كله بشتى أصنافه وأنواعه وأشكاله وصوره، فما لدين السلام والسماحة والرفق والمحبة بذلك الركام النتن من سفك الدم المحرم والاعتداء على الآمنين.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، اللهم احفظ لنا ديننا وأمننا وقنا شر الفتن وكيد الأعداء والمحن، اللهم من أرادنا أو أراد أي بلد إسلامي بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرًا عليه، اللهم وفق قادة المسلمين إلى تحكيم كتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم وفق ولاتنا إلى الخير والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة، وهيئ لهم من أمرهم رشدًا، عباد الله إن الله أمركم بأمر بدأ به بنفسه وقال عز من قائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الصحابة الأجلاء ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
online free course
download xiomi firmware
Download WordPress Themes
lynda course free download