اتصل بنا
فضائل شهر رمضان
07/10/2005

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

أحمدك اللهم، وفقت الصائمين لطاعتك وهيأتهم لعبادتك، وتجليت عليهم برحمتك، وأشهد ألا إله إلا الله لا تأخذه سنة ولا نوم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حبب الله إليه عبادة الصوم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه، الذين صاموا رمضان إيمانًا واحتسابًا فاختارهم الله لنفسه خدامًا وأحبابًا، وفتح لهم من الجنة أبوابًا فرضي الله عنهم أجمعين.

عباد الله: اتقوا الله حق تقاته، واعلموا أنكم في شهر فضيل، شهر النفحات والبركات، وهو شهر رمضان المبارك، فقد فرض فيه الصوم وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، حيث فرض على المسلمين في شعبان من السنة الثانية من الهجرة، وتأخرت فريضته إلى ما بعد الهجرة لأنه من أشق العبادات وأصعبها على النفوس، حيث يحول بينها وبين ما ألفته من الشهوات والمعاصي، فلو ابتدأ الإسلام في تكاليفه بالشاق لنفر الناس منه، فحين توطنت النفوس على التوحيد، وألفت الأوامر والنواهي، وتدرجت فيما علمها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، شرع الله الصوم بعد ذلك ليكون تلقيه سهلًا على النفوس، والأمر الشاق إذا كان عامًا سهل تحمله.

وقد كان الصوم عامًا ساريًا في الأمم الماضية، ولكن لم يبين لنا القرآن فيما قصه علينا من أنباء تلك الأمم، ماذا كان صيام من قبلنا، ولا عدد الأيام التي كانوا يصومونها، وهل كانوا يُمسكون عن الشهوات، التي أوجب الله علينا الكف عنها، أو كانوا يمسكون عن أمور معينة.

وقد ورد في كثير من الكتب الدينية مدح الصوم والصائمين، وورد أن نبي الله موسى عليه السلام صام أربعين يومًا، كما ورد أن عيسى عليه السلام صام نفس الأيام التي صامها السيد الكليم.

وصفوة القول: أن الصوم معروف لدى الأمم السابقة على الإسلام، وقد ندبت إليه جميع الديانات، وجاء الدين الإسلامي فأقر مدح الصوم، وفرضَ على كل مكلف صيام أيام معدودات، هي شهر رمضان، وكشف القرآن عن القصد من الصوم، فبيَّن أن الغرض منه نفع الصائم بإعداد نفسه للتقوى، وأن الله غني عن الناس -صومهم وصلاتهم- فقال: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ أي تعدون أنفسكم للتقوى بالصوم، الذي هو ترك محبوب النفس من الشهوات؛ لأنه يردع النفوس عن الفواحش ويهون لذات الدنيا، ومتى هانت لذة الدنيا تحققت أسباب التقوى.

أيها الإخوة: إن لهذا الشهر لشأنًا عظيمًا ومنزلةً عظيمةً بين سائر الشهور، لما اتصل به من أحداث عميقة الأثر في حياة المسلمين ودينهم، ولما اختصه الله تعالى به من المزايا على غيره، ففيه شرع الله تعالى الصيام وفَرضَه على كل مكلف ومكلفة من المسلمين والمسلمات، وفيه بعث الله خاتم أنبيائه ورسله محمدًا صلى الله عليه وسلم، ففتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلفا، وأقام به الحجة على جميع خلقه.

وفيه أنزل الله تعالى أول ما أوحى به من القرآن الكريم إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي الآيات الخمس من أول سورة العلق وهو قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾.

وفيه شرع الله تعالى صلاة القيام، وفيه كتب النصر لعباده المؤمنين في موقعة بدر الكبرى، التي تحول بها تاريخ الدعوة الإسلامية، من طور المصابرة والاحتمال لاضطهاد المشركين، إلى طور المجالدة والدفاع عن الحرية الدينية بقوة السلاح.

وفيه أتم الله لرسوله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، فدخلها هو والمسلمون معه آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون، وحطم ما كان عند الكعبة من الأصنام، وطهر البيت الحرام للطائفين والقائمين والركع السجود.

وقد فضَّل الله تعالى إحدى لياليه على ألف شهر، وهي ليلة القدر المباركة، التي بُدئ فيها بنزول القرآن الكريم، والتي يُفرق فيها كل أمر حكيم، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾.

وقد أبهمها الله تعالى في ليالي ذلك الشهر المبارك؛ لتنشط همم العباد إلى عبادة الله تعالى، في جميع لياليه ولا تتكاسل عن الطاعة، والقيام رجاء أن يدركوا تلك الليلة العظيمة، فيحظوا برضوان الله تعالى وتربو طاعتهم عنده، وقد تفضل الله تعالى، فوعد من صامه وقام ليلة القدر فيه إيمانًا واحتسابًا بغفران ما تقدم من ذنبه.

﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي بلغنا شهر الصيام والقيام، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

عباد الله: فإن حقيقة الصوم الناصعة وثمرته النافعة هي التي تزيل من النفس الظلمة وتذهب من القلب القسوة، وتجعل مكانهما النور والرحمة، وتبعث في الأجساد القوة والنشاط والروح والفتوة والصفاء.

وبذلك تتربى الأمة خير تربية، وتتحقق لها أسباب العزة، تتطهر من درن الحيوانية ورجس الشهوانية، إلى طُهر الروحانية وشرف الملائكة، يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه: «الصيام جنة، وهو حصن من حصون المؤمن وكل عمل لصاحبه إلا الصيام، يقول الله: الصيام لي وأنا أجزي به».

اللهم اجعلنا في هذا الشهر من الصائمين القائمين المقبولين، اللهم أعتق رقابنا من النار، اللهم وفقنا لما تحب وترضى، اللهم اغفر لنا جميع الزلات، واستر علينا كل الخطيئات، وسامحنا يوم السؤال والمناقشات، اللهم يا مصلح المصلحين أصلح فساد قلوبنا، واستر علينا في الدنيا والآخرة عيوبنا، واغفر بعفوك وبرحمتك ذنوبنا، ووفقنا لاغتنام أوقات المهلة، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذلهم، اللهم أهلك الظالمين من أعداء الدين، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل بلد يذكر فيه لا إله إلا الله، اللهم وفق ولاتنا وخذ بأيديهم لما تحب وترضى، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وقوموا إلى صلاتكم.

Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
udemy course download free
download lenevo firmware
Free Download WordPress Themes
lynda course free download