اتصل بنا

من أين تأتي السعادة؟!

من أين تأتي السعادة؟!*

 

*قدّمت هذه المادة في برنامج تلفزيوني.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وبعد/ ترددت كثيرًا في كيفية الطرح عن موضوع هذا اللقاء، هذا الموضوع يهم كلّ إنسان على هذه الأرض بل قد يسعى إليه سعيًا حثيثًا في سبيل الوصول إليه، هذا الموضوع يتوق إليه الإنسان ويشتاق لسماع لفظه ألا وهو السعادة، والسعادة ليست سلعة تشتريها المرأة فتتزين بها وتتباهى، وإنما هي أمر آخر.

وعندما نمعن النظر في حياة الطالبة الأكاديمية نرى وجه السرور والفرح باديًا على محياها عندما تحصل على شهادة تفوق أو على درجة عالية في مقرر ما، ولكن يا ترى هل هي سعادة حقيقية تشعر بها داخل أعماقها أم أنها فرحة مؤقتة سرعان ما تتلاشى! هذا ما نود التعرض له.

والناس على هذه الأرض زوّدهم الله بحواس وأكرمهم بعقل يميزون به الغث من السمين، فمنهم من يسعى لجمع المال بهدف الوصول إلى السعادة، ومنهم من يلهث خلف الشهوات البهيمية بهدف الوصول إلى السعادة، ومنهم من يسعى للشهرة والجاه والسلطان بهدف الوصول إلى السعادة، ومنهم من يؤمن بالله ويعمل صالحًا بهدف الوصول إلى السعادة.

فكيف الطريق إلى السعادة؟

السعادة هي الغاية المنشودة والجنة الموعودة التي يسعى إليها البشر أجمعون.

فالمؤمن بإيمانه يسعى إلى السعادة.

والكافر بكفره ينشد السعادة

والسارق بسرقته يريد السعادة.

والزاني بزناه يروم السعادة ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد..

وجامع المال يريد بجمعه السعادة.

وصاحب السلطان، وصاحب الأسفار.. الكل يريد السعادة.

وعلى الرغم من أن الناس جميعًا يطلبون السعادة إلا أن غالبيتهم لم يعرفوا السعادة الحقيقية، ولم يهتدوا إلى طريقها وإن شعروا بجانب اللذة والفرح والانبساط فإن عوامل الخوف والقلق والتنغيص والندم والاضطراب تعكر عليهم صفو حياتهم وتذهب لذاتهم وتجعلهم في خوف دائم من المستقبل وخاصة من الموت الذي يكرهونه ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾.

لقد بين الله في كتابه الكريم طريق السعادة وحقيقتها في آية وجيزة ﴿طه. مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ﴾ فدل المفهوم الواضح لهذه الآية أن الإسلام طريق السعادة وسبيل تحقيقها في الحياة، وأنه لا سبيل لنيل السعادة في الدنيا إلا بالإسلام، فكل مسلم سعيد وعلى قدر التزامه بالإسلام تكون سعادته في الدنيا والآخرة مهما كان حاله في الدنيا، وكل كافر شقي وعلى قدر كفره تكون شقاوته في الدنيا والآخرة مهما كان حاله في الدنيا ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ ومن هنا نعلم أن حقيقة السعادة هي اطمئنان يخلقه الله في قلوب المؤمنين ويحفظه عليهم بما يشاء، فيتولد عن ذلك طيب الحياة الدنيا وحسن العاقبة.

فالمؤمن هادئ البال مستريح الضمير طيب النفس مطمئن الخاطر يعلم أن له ربًا أزمة الأمور بيده، وقوانين العالم جميعها لا تخرج عن سلطانه، قال النبي ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير له وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن إصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له » أليست هذه قمة السعادة!.

 

صور السعادة:

ومن هنا نرى أن السعادة شيء معنوي لا يرى بالعين، ولا يقاس بالكم، ولا تحتويه الخزائن، ولا يشترى بالريال.

السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه، صفاء نفس وطمأنينة قلب وانشراح صدر وراحة ضمير.

السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان، ولا يستورد من خارجه وبعد هذا كله فما وسائل تحقيق هذه السعادة الحقيقية؟!.

إن وسائل تحقيق السعادة ودفع الهموم عن النفس تنقسم إلى قسمين:

وسائل علمية.

ووسائل عملية.

أما الوسائل العلمية فهي إدراك حقيقة العبودية لله بمعرفة الله.

بمعرفة ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته والإيمان الجازم به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

قال ابن تيمية: (من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية)، أما الوسائل العملية فهي توطين النفس على مواجهة الحياة بالمجاهدة، والمصابرة، والاستعانة بالله، والتوكل عليه في سائر الأعمال والأحوال والأقوال، والقناعة، والشكر، والرضا بالقضاء والقدر، واتخاذ وسائل انشراح الصدر، وطمأنينة النفس كالذكر والصلاة، والإحسان إلى الخلق، والعفو عن الناس، والرحمة بهم، وكظم الغيظ، وبذل المعروف، والتوبة، والإنابة، والدعاء، والاستشارة في الأمور، والاستخارة فيها، وغير ذلك.

وقد ذكر العلماء أن علامات السعادة إحدى عشرة خصلة:

1- أن يكون زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة.

2- أن تكون همته العبادة وتلاوة القرآن.

3- قلة القول فيما لا يحتاج إليه.

4- أن يكون محافظًا على الصلوات الخمس.

5- أن يكون ورعًا فيما قل أو كثر من الحرام والشبهات.

6-أن تكون صحبته مع الصالحين.

7-أن يكون متواضعًا غير متكبر.

8- أن يكون سخيًا كريمًا.

9-أن يكون رحيمًا بخلق الله.

10-أن يكون نافعًا للخلق.

11-أن يكون ذاكرًا للموت.

والإنسان في هذه الحياة يتعرض للكثير من المشاكل والمضايقات التي قد تعيقه عن تكملة مشواره الذي بدأه وقد تصرفه عن طريق الحق، فيتخبط في طريق الغواية ظنًا منه أنه في سعادة وإذا به في ضلال، وقصص الذين وقعوا في طريق الغواية كثيرة جدًا وقد سمعنا وقرأنا عمن وقع في هذا الطريق من خلال حوادث السيارات في سوء الخاتمة كفانا الله وإياكم سوء الخاتمة.

واجتناب أسباب الهموم يتطلب اجتناب ما يلي:

1- الفراغ، فالفراغ مدعاة لتذكر الهموم والأحزان ومطية للعجز والاستسلام وللقلق والحيرة، لذلك فإن إشغال النفس بما ينفعها من الأعمال دواء مهم لصرف الهموم والأحزان وتجديد النشاط والحيوية في القلب والبدن.

2-الانزعاج بالأوهام والوساوس، وهذه من مكدرات السعادة وأسباب الهموم، استسلام القلب للخواطر السيئة والأوهام المحزنة والوساوس المهلكة.

3-الحزن على الماضي والاهتمام بالمستقبل.

لا شك أن أي امرأة لا يمكن أن تذوق طعم السعادة وقلبها خاويًا من ذكر الله وعمل الصالحات، فلابد من صلاح الروح والبدن، إذ صلاحهما متوقف على صلاح القلب، ومن ثم كان اجتناب مفسدات القلب أمرًا مطلوبًا لتحقيق السعادة في الحياة، فما هي مفسدات القلب؟

 

مفسدات القلب:

1- الخلطة، فتجتنب كثرة الخلطة وهي أن تخالط الغير في الخير وتعزلها في الشر.

2- التمني: وهو برح لا ساحل له وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية كأحلام اليقظة وخيالات الفكر.

3- التعلق بغير الله تعالى.

4- الطعام.

5- كثرة النوم.

وصدق الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما قال: (طهروا قلوبكم من الحسد حتى تعلموا كتاب ربكم).

هناك صور في هذه الحياة تدل على أن طريق السعادة يكمن في طاعة الله عز وجل.

قال ابن تيمية: (ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري إن رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة قتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة).

وهناك من المتناقضات في هذه الحياة ما بين السعادة والشقاء كالذي نجده عند أهل الفن.

فرجل من أهل الفن يعد من كبار المخرجين لكنه عاش حياته في شقاء وتعاسة وعندما بلغ السبعين من عمره وجدوه قد قُتل في منزله ووجدوا أنه في تلك الليلة التي مات فيها قد أقام حفلة صاخبة شاركه فيها أهل المجون والسكر فيا ترى هل هو من أهل السعادة؟

وفنانة تائبة تقول كان يومي يضيع دون إحساس بالسعادة ودون أن أشعر بالسلام والآن ليس لدي وقت كافٍ لأن هناك أمورًا كثيرة نافعة يجب اللحاق بها قد وجدت السلام الداخلي – تعني السعادة.

حقيقة قد تجد الباحثة عن السعادة الحقيقية بعض المنغصات والمطبات ولكن هذا لابد منه وصدق الرسول الكريم ﷺ واصفًا الطريق إلى الجنة والنار فقال: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» ، فالالتزام بالمسلك السويّ هو السبيل الأمثل للطالبة الراغبة في السعادة، لكنها قد تواجه بعض المضايقات داخل المنزل أو خارجه. 

وهنا تكمن قمة السعادة، فكم من فتاة استطاعت أن تسعد أسرة بكاملها من أبوين وإخوة وزوج بأسلوبها وطريق معالجتها وكم وكم وكم! وهنا تأتي الثمرة الحقيقية من العلم والتعلم.

وقد كان السلف الصالح يجدون قمة سعادتهم في قيامهم بالعبادات، فعلى سبيل المثال من بترت رجله، وافق على إجراء العملية الجراحية لكن بعد أن يدخل في الصلاة دون مخدر أو وسائل مسكّنة.

ويمكن تناول واقع المرأة الغربية في مفهوم السعادة وأنها تعيش كالآلة منزوعة من الشفقة والرحمة وتَذوّق طعم السعادة.

 وما قضايا الانتحار والأمراض النفسية إلا ناتج عن حاجة الناس إلى السعادة الحقيقية.

وفقنا الله جميعًا لسلوك الطريق السوي حتى ننعم بالسعادة الأبدية والسلام.

Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
free download udemy course
download mobile firmware
Download Premium WordPress Themes Free
udemy paid course free download